للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهُ بما يَقرُبُ (١) منهُ وبما هُو فيه، فكأنَّهُم أرادُوا ما يَنزِلُ بهم (٢) في اللَّيلِ والنَّهارِ من مَصائبِ الأيام، فجاءَ النَّهيُ عن ذلك تَنْزِيهًا لله، لأنَّهُ الفاعِلُ ذلك بهم في الحَقِيقةِ، وجَرَى ذلك على الألسِنةِ في الإسلام، وهُم لا يُرِيدُونَ ذلك، ألا تَرَى أنَّ المُسلِمِينَ الخِيارَ الفُضلاءَ اسْتَعملوا ذلك في أشعارِهِم، على دِينِهِم وإيمانِهِم، جَرْيًا في ذلك على عادتهِم، وعِلمًا بالمُرادِ، وأنَّ ذلك مفهُومٌ معلُومٌ لا يُشكِلُ على ذي لُبٍّ، هذا سابِقٌ البَرْبرِيُّ، على فضْلِهِ، يقولُ (٣):

المرءُ يجمعُ والزَّمانُ يُفرِّقُ ... وَيظلُّ يَرْقَعُ (٤) والخُطُوبُ تُمزِّقُ (٥)

وهذا سُليمانُ العَدوِيُّ، وكان خيِّرًا مُتديِّنًا يقولُ:

أيا دهر أعمَلتَ (٦) فينا أذاكا ... ووَلَّيتنا بعدَ وجهٍ قَفاكا

جعلتَ الشِّرارَ علينا رُؤُوسًا ... وأجلَسْتَ سِفلتَنا مُستَواكا

فيا دهرُ إن كُنتَ عادَيْتَنا ... فها قد صنَعتَ بنا ما كَفاكا

وقالت صفِيَّةُ الباهِلِيَّةُ (٧):

أخْنَى (٨) عَلَى واحِدِي ريبُ المَنُونِ (٩) وما ... يُبقِي الزَّمانُ على شيءٍ ولا يَذَرُ (١٠)


(١) في د ٢: "يعرف".
(٢) في د ٢: "يقول لهم" بدل: "ينزل بهم".
(٣) انظر: بهجة المجالس ١/ ٥٣٨.
(٤) في ت: "يرفع".
(٥) جاء بعده في ت، م: "ويروى أن هذا الشعر لصالح بن عبد القدوس".
(٦) في م: "دهرًا عملت".
(٧) عيون الأخبار للدينوري ٣/ ٦٦.
(٨) أخنى عليه الدهر: إذا طال عليه وأهلكه. انظر: لسان العرب ١٤/ ٢٤٥.
(٩) في مصدر التخريج: "الزّمان".
(١٠) بعد هذا في ت: "وقال أبو العتاهِيةِ، وموضِعُهُ من الخَيرِ مَوضِعُهُ: =

<<  <  ج: ص:  >  >>