للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عيسى، عنِ ابنِ القاسم: إن فاتتِ السِّلعةُ، فلا شيءَ عليه.

ورَوَى أشهبُ، عن مالكٍ: أنَّهُ كرِهَ أن يخرُجَ الرَّجُلُ من الحاضِرةِ إلى أهلِ الحَوائِطِ، فيَشْترِي منهُمُ الثَّمرةَ مَكانَها. ورآهُ من التَّلقِّي، ومن بَيع الحاضِرِ للبادِي (١).

وقال أشهبُ: لا بأسَ بذلك، وليس هذا بمُتلقٍّ، ولكنَّهُ اشْتَرى الشَّيءَ في مَوْضِعِهِ (٢).

ورَوَى أبو قُرَّةَ، قال: قال لي مالكٌ: إنِّي لأكرَهُ تلقِّيَ السِّلع، وأن يبلُغُوا بالتَّلقِّي أربَعةَ بُرُدٍ.

قال أبو عُمر: لا أعلمُ خِلافًا في جَوازِ خُرُوج النّاسِ إلى البُلدانِ في الأمتِعةِ والسِّلع، ولا فرقَ بين القرِيبِ والبعِيدِ من ذلك في النَّظرِ، وإنَّما التَّلقِّي، تَلقِّي من خرجَ بسِلْعةٍ يُرِيدُ بها السُّوق، وأمّا من قصَدْتَهُ إلى مَوْضِعِهِ، فلم تَتَلق.

وقال اللَّيثُ بن سعدٍ: أكرَهُ تلقِّي السِّلع، وشِراءَها في الطَّرِيقِ، أو على بابِكَ، حتَّى تقِفَ السِّلعةُ في سُوقِها التي تُباعُ فيها، فإن تَلقَّى أحدٌ سِلعةً فاشْتَراها، ثُمَّ عُلِمَ به، فإن كان بائِعُها لم يذهَبْ، رُدَّت إليه، حتَّى تُباع في السُّوقِ، وإن كان قد ذهَبَ، ارتُجِعت منهُ وبيعَتْ في السُّوقِ، ودُفِع إليه ثمنُها. قال: وإن كان على بابه، أو في طرِيقِهِ، فمرَّت به سِلعةٌ، يُرِيدُ صاحِبُها سُوقَ تِلك السِّلعةِ، فلا بأسَ أن يَشْترِيها، إذا لم يَقْصِد لتلقِّي السِّلع، وليس هذا بالتَّلقِّي، إنَّما التَّلقِّي أن يَعمِدَ لذلك.

قال أبو عُمر: أمّا مَذهبُ مالكٍ واللَّيثِ، ومن قال بمِثلِ (٣) قولِهِما، في النَّهيِ عن تلقِّي السِّلع، فمعناهُ عِندَهُم الرِّفقُ بأهلِ الأسواقِ، لئلّا يُقْطعَ بهم


(١) انظر: طرح التثريب في شرح التقريب للعراقي ٦/ ٦٣.
(٢) المصدر السابق.
(٣) في ي ١، ت: "نحو".

<<  <  ج: ص:  >  >>