للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمّا لهُ جَلَسُوا، يبتغُونَ من فضلِ الله، فنَهَى النّاس أن يَتَلقَّوُا السِّلع التي يُهبَطُ بها إليهم؛ لأنَّ في ذلك فسادًا عليهم.

وأمّا الشّافِعِيُّ، فمذهبُهُ في ذلك، أنَّ النَّهيَ إنَّما وردَ رِفقًا بصاحِبِ السِّلعةِ (١)، لئلّا يُبخَسَ في ثَمنِ سِلعتِهِ.

قال الشّافِعِيُّ (٢): لا تُتلقَّى السِّلعةُ، فمن تلقّاها فصاحِبُها بالخِيارِ إذا بلغَ السُّوق.

وقد رُوِي بمِثلِ ما قالهُ الشّافِعِيّ خبرٌ صحِيحٌ، يلزمُ العملُ به:

حدَّثنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (٣): حدَّثنا أبو توبةَ الرَّبِيعُ بن نافِع، قال: حدَّثنا عُبيدُ الله بن عمرٍو الرَّقِّيّ، عن أيُّوبَ، عنِ ابنِ سِيرِينَ، عن أبي هريرةَ: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن تلقِّي الجَلَبِ، فإن تَلقّاهُ مُتلقٍّ فاشْتَراهُ، فصاحِبُ السِّلعةِ بالخِيارِ إذا وردَتِ السُّوقَ.

قال أبو عُمر: هذه الرِّوايةُ عنِ ابنِ سِرين، تُبيِّنُ ما رواهُ عنهُ هشامُ بن حسّانٍ، عن أبي هريرةَ، قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَلقَّوُا الجَلَبَ، فمن تَلقّاهُ فاشْتَرى منهُ شيئًا، فهُو بالخِيارِ إذا أتى السُّوقَ" (٤).

قال أبو عُمر: فقولُهُ في خَبرِ هشام: "فهُو بالخِيارِ". يُرِيدُ البائِع، لئلّا يتناقضَ الحديثانِ (٥).


(١) في م: "السلع".
(٢) انظر: اختلاف الحديث، له، ص ٥١٩.
(٣) في سننه (٣٤٣٧). ومن طريقه أخرجه أبو عوانة (٤٩٠٩)، وهو في صحيح مسلم (١٥١٩) من طريق هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة، وتقدم تخريجه في ٨/ ٤١٧.
(٤) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(٥) هذه اللفظة سقطت من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>