للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهُو جائِزٌ في اللُّغةِ أن يَقصِدهُ، وإن لم يَذكُرهُ إلّا بالمعنى.

وقد روينا من حديثِ هشام نصًّا كما قال أيُّوبُ، وهُو الصَّوابُ، وما خالفهُ فليس بشيءٍ.

وقال أصحابُ الشّافِعِيِّ: تَفسِيرُ النَّهيِ عنِ التَّلقِّي: أن يخرُجَ أهلُ الأسواقِ فيَخْدعُون أهل القافِلةِ، ويشترُونَ منهُم شراءً رَخِيصًا، فلهمُ الخِيارُ، لأنَّهُم قد غرُّوهُم وخَدَعُوهُم (١).

وأمّا أبو حنِيفةَ وأصحابُهُ (٢)، فالنَّهيُ عن تَلقِّي السِّلع عِندَهُم، إنَّما هُو من أجْلِ الضَّررِ، فإن لم يضُرَّ بالنّاسِ تَلقِّي ذلك، لضِيقِ المعِيشةِ، وحاجتِهِم إلى تلك السِّلع، فلا بأسَ بذلك.

وقال أبو جَعفرٍ الطَّحاوِيُّ (٣): لمّا جعلَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الخِيار في السِّلعةِ المُتلقّاةِ إذا هُبِطَ بها إلى السُّوقِ، دلَّ على جَوازِ البَيْع؛ لأنَّهُ ثبَّتهُ، وجعلَ فيه الخِيار.

قال: وهذا يدُلُّ على أنَّ التَّلقِّي المكرُوه إذا كان فيه ضَررٌ، فلِذلك جُعِل فيه الخِيارُ، فإن لم يكُن فيه ضَرَرٌ، فهُو غيرُ مكرُورهٍ.

وقال ابنُ خُوَيْزمَنْداد: البَيْعُ في تلقِّي السِّلع صحِيحٌ، على قولِ الجَمِيع، وإنَّما الخِلافُ هُو أنَّ المُشترِي لا يَفُوزُ بالسِّلعةِ ويشركُهُ فيها أهلُ الأسواقِ، ولا خِيار للبائِع، أو أنَّ البائِع بالخِيارِ.

قال أبو عُمر: ما حَكاهُ ابنُ خُوَيْزمَنْداد عنِ الجميع في جَوازِ البيع في ذلك، مع ما دلَّ عليه الحديثُ، هُو الصَّحِيحُ، لا ما حكاهُ سحنُونٌ عن غيرِ ابنِ القاسم، أنَّهُ يُفسَخُ البيعُ، وباللّه التَّوفيقُ.


(١) انظر: مغني المحتاج ٢/ ٣٧، والاستذكار ٦/ ٥٢٦. وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(٢) مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٦٣.
(٣) المصدر السابق ٣/ ٦٤ (١١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>