للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العمُودِ، أهلُ (١) البَوادِي والبَرارِيِّ، مِثلُ الأعرابِ. قال: وجاءَ النَّهيُ في ذلك، إرادةَ أن يُصِيبَ النّاسَ غِرَّتهم.

ثُمَّ ذكر عنِ الحِزَاميِّ (٢)، عن سُفيانَ، عن أبي الزُّبيرِ، عن جابرٍ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبِعْ حاضِرٌ لبادٍ، دعُوا النّاسَ يرزُقُ اللهُ بعضَهُم من بَعْضٍ" (٣).

قال: فأمّا (٤) أهلُ القُرَى، الذينَ يعرِفُونَ أثمانَ سِلَعِهِم وأسواقَها، فلم يُعنَوْا بهذا الحديثِ. قال: فإذا باعَ الحاضِرُ للبادِي، فُسِخ البيعُ، لأنَّ عَقدهُ وقعَ منهِيًّا عنهُ، فالفسخُ أولى به.

قال: وكذلك أخبَرني أصبغُ، عنِ ابنِ القاسم، قال: قال عبدُ الملكِ بن حبِيبٍ: والشِّراءُ للبادِي مِثل البيع، ألا تَرَى إلى قولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبِعْ بعضُكُم على بيع بعضٍ"، إنَّما هُو: لا يَشْترِي بعضُكُم على شِراءِ بعضٍ. قال: فلا يجُوزُ للحَضرِيِّ أن يَشْترِيَ للبَدَوِيِّ ولا (٥) يبِيع لهُ، ولا أن يبعثَ البَدَوِيُّ إلى الحضرِيِّ بمتاع فيبِيعَهُ لهُ الحضرِيُّ، ولا يُشِيرُ عليه في البَيْع إن قدِمَ عليه.

قال أبو عُمر: قال اللَّيثُ بن سعدٍ: لا يُشِيرُ الحاضِرُ على البادِي؛ لأنَّهُ إذا أشارَ عليه، فقد باعَ لهُ، لأنَّ مِن شأن أهلِ البادِيةِ أن يُرخِّصُوا على أهلِ الحَضَرِ (٦)، لقِلَّةِ مَعرِفتِهِم بالسُّوقِ، فنَهَى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عنِ البيع لهُ (٧).


(١) في الأصل، ت، م: "وأهل".
(٢) هو: إبراهيم بن المنذر بن عبد الله بن المنذر الحزامي، أبو إسحاق المدني، وترجمته في تهذيب الكمال ٢/ ٢٠٧، وروايته عن سفيان بن عيينة ثابتة فيه.
(٣) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه، من طريق عليِّ بن حرب عن سفيان.
(٤) في د ٢: "فنهي".
(٥) في د ٢: "إلا".
(٦) في د ٢: "المصر".
(٧) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٦٦، ومنه نقل المصنف ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>