للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ولا بأسَ أن يبتاعَ الحاضِرُ للبادِي، وأمّا أهلُ القُرَى، فلا بأسَ أن يبِيع لهمُ الحاضِرُ.

وقال الأوزاعِيُّ: لا يبِع حاضِرٌ لبادٍ، ولكن لا بأس أن يُخبِرهُ بالسِّعرِ.

وقال أبو حنِيفةَ وأصحابُهُ: لا بأسَ أن يبِيع الحاضِرُ للبادِي.

ومن حُجَّتِهِم أنَّ هذا الحديث قد عارَضهُ قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "الدِّينُ النَّصِيحةُ لكلِّ مُسلِم" (١).

وقال الشّافِعِيُّ: لا يبِعْ حاضِرٌ لبادٍ، فإن باعَ حاضِرٌ لبادٍ، فهُو عاصٍ، إذا كان عالِمًا بالنَّهيِ، ويجُوزُ البيعُ، لقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "دعُوا النّاس يَرْزُق اللهُ بعضَهُم من بعضٍ" (٢).

قال أبو عُمر: هذا اللَّفظُ يقضي على أنَّ النَّهي عن بيع الحاضِرِ للبادِي، إنَّما هُو لئلّا يُمنعَ المُشْترِي فضلَ ما يَشْترِيهِ.

وهذا مُوافِقٌ للنَّهيِ عن تلقِّي السِّلع، على تأوِيلِ مالكٍ وأصحابه، ومُخالِفٌ لذلك على تأوِيلِ الشّافِعِيِّ في النَّهيِ عن تلقِّي السّلع. وهذا لفظٌ صحِيحٌ.

حدَّثنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عُمر (٣)، قال: حدَّثنا عليُّ بن حربٍ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن أبي الزُّبيرِ، عن جابرٍ، قال: قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبِعْ حاضِرٌ لبادٍ، ودعُوا النّاس يرزُق اللهُ بعضَهُم من بعضٍ" (٤).


(١) سيأتي بإسناده في شرح الحديث العاشر لسهيل بن أبي صالح، وهو في الموطأ ٢/ ٥٨٩ (٨٢٣٣). وانظر تخريجه هناك.
(٢) انظر: مختصر المزني، ملحقا بالأم ٨/ ١٨٧.
(٣) في د ٢: "محمد بن يحيى بن عمر". وكلاهما صواب، فقد ينسب إلى جده في الأعم الأغلب. انظر: سير أعلام النبلاء ١٥/ ٣٥٧.
(٤) أخرجه الحميدي (١٢٧٠)، وأحمد في مسنده ٢٢/ ١٩٦ (١٤٢٩١)، ومسلم (١٥٢٢) (٢٠، مكرر)، والترمذي (١٢٢٣)، وابن ماجة (٢١٧٦)، وابن الجارود في المنتقى (٥٧٤)، وأبو يعلى (١٨٣٩)، وأبو عوانة (٤٩٤٠)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١١، وابن حبان ١/ ٣٣٨ (٤٩٦٤) من طريق سفيان، به. وانظر: المسند الجامع ٤/ ١٤٥ - ١٤٦ (٢٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>