للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك البُيُوعُ المذكُورةُ المنهِيُّ عنها في الحديثِ المذكُورِ في هذا البابِ.

واستدلَّ من ذهَبَ هذا المذهب، بأنَّ النَّهي عن ذلك، لم يُرَدْ به نفسُ البيع، إنَّما أُرِيدَ به معنًى غيرُ البيع، وهُو تركُ الاشتِغالِ عنِ الجُمُعةِ بما يَحبِسُ عنها، وسواءٌ كان بيعًا، أو غير بيع، وجَرَى في ذلك ذِكرُ البيع، لأنَّهُم كانوا يتبايَعونَ (١) ذلك الوَقتَ، فنُهُوا عن كلِّ شاغِلٍ يَشْغلُ عنِ الجُمُعةِ، وعن كلِّ ما يَحُولُ بينَ من وجبَتْ عليه، وبين السَّعيِ إليها، والبيعُ وغيرُهُ في ذلك سَواءٌ.

قالوا: ولا معنى لفسخ البيع؛ لأنَّهُ معنًى غير شُهُودِ (٢) الجُمُعةِ، لأنَّهُ قد يَبِيعُ ذلك الوقتَ، ويُدرِكُ الجُمُعةَ.

قالوا: ألا تَرَى أنَّ رجُلًا لو (٣) ذكرَ صلاةً، لم يبقَ من وقتِها إلّا ما يُصلِّيها فيه، كان عاصِيًا بالتَّشاغُلِ عنها بالبيع، وجازَ بيعُهُ. قالوا: فكذلك من باعَ بعدَ أذانِ الجُمُعةِ سَواءٌ.

قالوا: وكذلك لو كان في صلاةٍ، فقال لهُ رجُلٌ: قد بعتُكَ عَبدِي هذا بألفٍ. فقال: قد قبِلتُ. صحَّ البيعُ، وإن كان مَنهِيًّا عن قَطع صَلاتِهِ بالقَولِ (٤).

وأمّا قولُهُ في هذا الحديثِ: "ولا تُصِرُّوا الإبِلَ والغَنَم، فمنِ ابْتاعها بعدَ ذلك، فهُو بخيرِ النَّظَرينِ بعدَ أن يَحلِبها، إن رَضِيها أمْسَكَها، وإن سَخِطها، رَدَّها وصاعًا من تمرٍ" (٥) (٦). فقدِ اختلفَ العُلماءُ في القَولِ بهذا الحديثِ، فمنهُم من قال به، ومنهُم من ردَّهُ ولم يَسْتعمِلهُ.


(١) في الأصل، م: "يبتاعون"، والمثبت من د ٢.
(٢) في د ٢، ت: "لا معنى غير" بدل: "لأنه معنى غير شُهود".
(٣) في د ٢: "لو أن رجلًا" بدل: "أن رجلًا لو".
(٤) في د ٢، ت: "بالقبول".
(٥) هذا طرف من حديث هذا الباب.
(٦) من هنا إلى ما بعد ست فقرات، عند قوله: "وحدثنا أحمد بن قاسم ... " لم يرد كله في ت، ي ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>