للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممَّن قال به: مالكُ بن أنسٍ، والشّافِعِيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وجُمهُورُ أهلِ الحديثِ.

ذكر أسدٌ وسُحنُونٌ، عنِ ابنِ القاسم، أَنَّهُ قال لهُ: أيأخُذُ مالكٌ بهذا الحديثِ؟ فقال: قلتُ لمالكٍ: تأخُذُ بهذا الحديثِ؟ قال: نعم. وقال مالكٌ: أوَلأحَدٍ في هذا الحديثِ رأيٌ؟ قال ابنُ القاسم: وأنا آخُذُ به، إلّا أنَّ مالكًا قال لي: أرَىَ لأهلِ البُلدانِ إذا نزلَ بهم هذا، أن يُعطُوا الصّاع من عَيْشِهِم. قال: وأهلُ مِصرَ عَيْشُهُمُ الحِنْطةُ (١).

قال أبو عُمر: رَدَّهُ أبو حنِيفةَ وأصحابُهُ، وزعمَ بعضُهُم: أنَّهُ منسُوخٌ، وأَنَّهُ كان قبلَ تحرِيم الرِّبا. وبأشياءَ لا يصلُحُ لها معنًى إلّا مُجرَّد الدَّعوَى.

وقد رَوَى أشْهَبُ، عن مالكٍ نحو ذلك.

ذكرَ العُتبِيُّ من سماع أشْهَب، عن مالكٍ: أنَّهُ سُئِلَ عن قولِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "منِ ابتاعَ مُصرّاةً، فهُو بخيرِ النَّظَرَينِ بعدَ أن يحلِبها، إن شاءَ أمسَكَها، وإن شاءَ رَدَّها وصاعًا من تمرٍ". فقال: قد سمِعتُ ذلك، وليس بالثّابِتِ، ولا "المُوطَّأ" عليه، ولئِن لم يكُن ذلك أنَّ لهُ اللَّبن بما أعلَفَ (٢) وضمِنَ. قِيل لهُ: نراكَ تُضعِّفُ الحديثَ؟ فقال: كلُّ شيءٍ يُوضَعُ مَوْضِعهُ، وليس بـ "المُوطَّأ" ولا الثّابِتِ، وقد سمِعتُهُ.

قال أبو عُمر: هذه رِوايةٌ مُنكرةٌ، والصَّحِيحُ عن مالكٍ، ما رواهُ ابنُ القاسم، والحديثُ عِندَ أهلِ العِلم بالحديثِ صحِيحٌ من جِهَةِ النَّقلِ، رواهُ جماعةٌ عن أبي


(١) انظر: المدونة ٣/ ٣٠٩.
(٢) في د ٢: "احتلبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>