فبعضُهُم قال: يرُدُّ عن كلِّ واحِدةٍ صاعًا من تمرٍ. وقال بعضُهُم: بل يرُدُّ عن جَميعِها صاعًا واحِدًا من تمرٍ تَعبُّدًا؛ لأنَّهُ ليس بثَمنِ اللَّبنِ، ولا قِيمَتِهِ.
وقال الشّافِعِيُّ في المُصرّاةِ: يرُدُّها ويرُدُّ معها صاعًا من تمرٍ، لا يرُدُّ غير التَّمرِ (١).
وكذلك قال ابنُ أبي ليلى، واللَّيثُ بن سعدٍ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو عُبيدٍ، وأبو ثورٍ.
ويجِيءُ على أُصُولِهِم: أنَّ التَّمرَ إذا عُدِمَ، وجبَ ردُّ قِيمتِهِ.
وقد رُوِي عنِ ابنِ أبي ليلى وأبي يُوسُف، أنَّهُما قالا: يُعطِي مَعهُما قِيمَةَ اللَّبن.
وقال زُفرُ: يرُدُّها ويرُدُّ مَعها صاعًا من تمرٍ، أو نِصفَ صاع من بُرٍّ.
وقال أبو حَنِيفةَ: إذا حَلَبها لم يرُدَّها، وإنَّما يرجِعُ بنُقصانِ العَيْبِ.
قال أبو عُمر: سواءٌ كان اللَّبنُ المحلُوبُ من المُصرّاةِ حاضِرًا أو غائبًا، لا يُرَدُّ اللَّبنُ، وإنَّما يُردُّ البَدَلُ المذكُورُ في هذا الحديثِ؛ لأنَّهُ قد أُمِرَ بردِّ الصّاع، لا اللَّبنِ، فلو ردَّ اللَّبنَ، كان قد فعلَ غير ما أُمِر به، وهُو نصٌّ لا يجُوزُ خِلافُهُ إلى القِياسِ.
ومَعلُومٌ أَنَّهُ لا يَسْتبِين أنَّها مصرَّاةٌ إلّا بالحلبةِ الثّانِيةِ، وإذا كان ذلك كذلك، عُلِمَ أنَّ لبنَ الحلبةِ الأُولى قد فاتَ، أو تغيَّر، فلو ألزمُوا المُبتاع مِثلهُ، خالفُوا ظاهِر الخبرِ إلى القِياسِ، وذلك غيرُ جائزٍ.
وأمّا أصحابُنا، فيزعُمُونَ أَنَّهُ لو ردَّ اللَّبنَ، دخلهُ بيعُ الطَّعام قبلَ أن يُسْتَوفى؛ لأنَّهُ كأنَّهُ قد وجبَ لهُ الصّاعُ، فأخذَ فيه اللَّبن وباعَهُ قبلَ أن يَسْتوفيهُ، ويدخُل