للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمرٍ، أو نِصف صاع من بُرٍّ. قال: وإنِ اشْتَراها وليَسْت بمُحفَّلةٍ، فاحتَلَبها، فليس لهُ أن يرُدَّها، ولكنَّهُ يرجِعُ بنُقصانِ العَيْبِ؛ لأنَّا اتَّبعنا الأثرَ في المُحفَّلةِ، فإن حدَثَ في المُحفَّلةِ (١) عيبٌ، فإنَّهُ يرُدُّ النُّقصانَ، إلّا أن يرضَى البائعُ أن يأخُذها كما هي.

قال أبو عُمر: تَلْخِيصُ اختِلافِ الفُقهاءِ في هذا البابِ أن نقُول (٢):

قال مالكٌ: منِ اشْتَرى مُصرّاةً، فاحتَلَبها ثلاثًا، فإن رَضِيها أمْسَكها، وإن سَخِطها لاختِلافِ لَبنِها، ردَّها وردَّ معها صاعًا من قُوتِ ذلك البلدِ، تمرًا كان أو بُرًّا، أو غير ذلك. وبه قال الطَّبرِيُّ.

وقال عيسى بن دِينارٍ في مذهبِ مالكٍ: لو علِمَ مُشترِي المُصرّاةِ، أنَّها مُصرّاةٌ بإقرارِ البائع، فردَّها قبلَ أن يَحلِبها، لم يكُن عليه غُرمٌ، لأنَّهُ لم يحلِبِ اللَّبنَ، الذي من أجلِهِ يُلزَمُ غُرْمَ الصّاع.

قال أبو عُمر: هذا ما لا خِلافَ فيه.

قال عيسى: ولو حَلَبها مرَّةً، ثُمَّ حَلَبها ثانِيةً، فنقصَ لبنُها، ردَّها ورَدَّ معَها صاعًا من تمرٍ، للحلبةِ الأولى، ولو جاءَ باللَّبنِ بعينِهِ الذي حَلَبهُ، لم يُقبَل منهُ، ولزِمهُ غُرمُ الصّاع، ولو لم يرُدَّها للحَلْبةِ الثّانِيةِ، وظنَّ أنَّ نقصَ لَبنِها كان من استِنكارِ المَوضِع، فحلبها ثالِثةً، فتبيَّن لهُ صرُّها، فأرادَ ردَّها، فإنَّهُ يحلِفُ باللّه ما كان ذلك منه رِضًى، ويرُدُّ معَها الصّاع الذي أمرَ به رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).

واختلفَ المُتأخِّرُونَ من أصحابِ مالكٍ على القولينِ اللَّذينِ قدَّمنا ذِكرَهُما في مُشْترِي عَددٍ من الغَنم فوجَدَها كلَّها مُصرّاةً.


(١) في ي ١، ت: "بالمحفلة".
(٢) زاد هنا في د ٢: "كما".
(٣) انظر: شرح معاني الآثار للطحاوي ٤/ ٢٠، والاستذكار ٦/ ٥٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>