للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفُوا فيمَنْ تركَ ذلك ناسِيًا أو عامِدًا.

فكان أحمدُ بن حَنْبلٍ يذهَبُ إلى أنَّ من تركَ الاسْتِنثار في الوُضُوءِ ناسِيًا أو عامِدًا، أعادَ الوُضُوءَ والصَّلاةَ (١).

وبه قال أبو ثورٍ، وأبو عُبيدٍ في الاستِنثارِ خاصَّةً. وهُو قولُ داود في الاسْتِنثارِ خاصَّةً أيضًا.

وكان أبو حنِيفةَ والثَّورِيُّ وأصحابُهُما، يذهبُونَ إلى إيجابِ المضمضةِ والاستِنشاقِ في الجَنابةِ دُونَ الوُضُوءِ.

وكانت طائفةٌ تُوجِبُهُما في الوُضُوءِ والجَنابةِ، وقد تقدَّم ذِكرُهُم في بابِ زيدِ بنِ أسلمَ.

وأمّا مالكٌ (٢) والشّافِعِيُّ (٣) والأوزاعِيُّ وأكثرُ أهلِ العِلم، فإنَّهُم ذَهَبُوا إلى أنْ لا فرضٌ في الوُضُوءِ واجِبٌ، إلّا ما ذكَرَهُ الله عزّ وجلّ في القُرآنِ، وذلك غَسْلُ الوَجهِ، واليَدينِ إلى المِرفقينِ، ومَسحُ الرَّأسِ، وغسلُ الرِّجلينِ.

وقد مَضَى القولُ في أحكام المضمضةِ والاسْتِنشاقِ ومسح الأُذُنينِ مُستوعبًا مُمهَّدًا بعِللِهِ، وأوضحنا وُجُوه الأقاوِيل فيه، عِند ذِكرِ حديثِ الصُّنابِحِيِّ، في بابِ زيدِ بنِ أسلمَ، وذكَرْنا أحكام الاستِجمارِ والاستِنجاءِ بالأحجارِ، في بابِ ابنِ شِهابٍ، عن أبي إدرِيسَ، من كِتابِنا هذا، والحمدُ لله.


(١) انظر: مسائل أحمد وإسحاق ٢/ ٢٧٥ (١١) و ٢/ ٧٨٥ (٤١٨). وانظر: الأصل لمحمد بن الحسن ١/ ٤٠، والأوسط لابن المنذر ٢/ ٢١، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ١٣٥، وانظر فيها ما بعده.
(٢) انظر: المدونة ١/ ١٢٣.
(٣) انظر: الأم ١/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>