للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: احتجَّ بعضُ أصحابِ الشّافِعِيِّ لمذهبهم في الفرقِ بين وُرُودِ الماءِ على النَّجاسةِ، وبين وُرُودِها عليه بهذا الحديثِ.

وقالوا: ألا تَرَى أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لمّا خافَ على النّائم المُستيقِظِ من نَوْمِهِ القائم منهُ إلى وَضُوئهِ، أن تكونَ في يَدِهِ نَجاسةٌ، أمرهُ بطرح الماءِ من الإناءِ على يَدِهِ ليَغْسِلها، ولم يأمُرهُ بإدخالِ يَدِهِ في الإناءِ ليَغْسِلها فيه، بل نهاهُ عن ذلك (١)؟

قال: فدلَّنا (٢) ذلك على أنَّ النَّجاسةَ إذا وردَتْ على الماءِ القليلِ، أفسْدَتهُ ومنعَتْ من الطَّهارةِ به، وإن لم تُغيِّرهُ.

قال: ودلَّنا ذلك أيضًا على أنَّ وُرُودَ الماءِ على النَّجاسةِ لا تضُرُّهُ، وأنَّهُ بوُرُودِهِ عليها مُطهِّر لها، وهي غيرُ مُفسِدةٍ لهُ؛ لأنَّها لو أفسدَتهُ مع وُرُودِهِ عليها، لم تَصحَّ طهارةٌ أبدًا في شيءٍ من الأشياءِ.

واحتَجُّوا أيضًا بنَهيِهِ - صلى الله عليه وسلم - عنِ البَولِ في الماءِ الدّائم (٣)، وبحديثِ وُلُوغ الكلبِ في الإناءِ (٤). وبنحوِ ذلك من الآثارِ، مع أمرِهِ بالصَّبِّ على بَوْلِ الأعرابيِّ (٥).


(١) انظر: الحاوي الكبير للماوردي ١/ ١٠٢، ٣٠٣، والاستذكار ١/ ١٥٣. وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(٢) في ي ١، ت: "فدل" بدل: "قال: فدلنا".
(٣) أخرجه الشَّافعي في مسنده، ص ١٦٥، وعبد الرزاق في المصنَّف (٢٩٩، ٣٠٠)، والحميدي (٧٩٠)، وأحمد في مسنده ١٢/ ٤٩٤، و ١٣/ ٤٤ (٧٥٢٥، ٧٦٠٣)، والبخاري (٢٣٩)، ومسلم (٢٨٢)، وأبو داود (٦٩، ٧٠)، والترمذي (٦٨)، والبزار في مسنده ١٥/ ٩٤، و ١٦/ ٢٣٥ (٨٣٦٦، ٩٣٩٩)، والنسائي في المجتبى ١/ ٤٩، ١٩٧، وفي الكبرى ١٩٣ (٥٥، ٥٦، ٥٧)، وأبو يعلى (٦٠٧٦)، وابن الجارود في المنتقى (٥٤)، وابن خزيمة (٦٦)، وأبو عوانة (٧٨١)، وابن حبان ٤/ ٦٠، ٦٤ (١٢٥١، ١٢٥٤)، والبيهقي في الكبرى ١/ ٢٣٤، من حديث أبي هريرة. وانظر: المسند الجامع ١٦/ ٥٠٦ - ٥٠٩ (١٢٧٠٥ - ١٢٧١١).
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٧٢ (٧١) من حديث أبي هريرة.
(٥) أخرجه أحمد في مسنده ١٣/ ٢٠٩ (٧٧٩٩)، والبخاري (٢٢٠، ٦١٢٨)، والبزار في مسنده ١٤/ ٣٠١، ٣٥٥ (٧٩١٥، ٨٠٥٣)، والنسائي في المجتبى ١/ ٤٨، وفي الكبرى ١/ ٩٢ (٥٤)، وابن حبان ٤/ ٢٤٤ - ٢٤٥ (١٣٩٩، ١٤٠٠)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٤٢٨، من حديث أبي هريرة. وانظر: المسند الجامع ١٦/ ٥١٥ (١٢٧٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>