للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرِ ماءٍ، فالأحجارُ لا بُدَّ أن يبقَى فيها أثرٌ، فرُبَّما حَكَّهُ، أو مسَّهُ بيدِهِ، فأُمِرُوا بالاحتِياطِ في ذلك.

ومن جعلَ ذلك ندبًا وسُنَّةً مَسنُونةً، قال: اليدُ على طَهارتِها، وليس الشَّكُّ بعامِلٍ فيها، والماءُ لا يُنجِّسُهُ شيءٌ، واللهُ أعلمُ.

وقد أجمعَ جُمهُورُ العُلماءِ على أنَّ الذي يبِيتُ في سَراوِيلِهِ، وينامُ فيها، ثُمَّ يقومُ من نومِهِ ذلك، أنَّهُ مَندُوبٌ إلى غَسْلِ يدِهِ قبلَ أن يُدخِلها في إناءِ وَضُوئهِ. ومنهُم من أوجبَ عليه مع حالِهِ هذه غسلَ يَدِهِ فرضًا، على ما نذكُرُهُ في هذا البابِ إن شاءَ الله.

ومعلُومٌ أنَّ من باتَ في سَراوِيلِهِ، لا يُخافُ عليه أن يَمسَّ بيدهِ (١) نَجاسةً في الأغلَبِ من أمرِهِ، فعلِمنا بهذا كلِّهِ، أنَّ المُراد بهذا الحديثِ ليس كما ظنَّهُ أصحابُ الشّافِعِيِّ، واللهُ أعلمُ.

وقد نَقضُوا قولهم في وُرُودِ الماءِ على النَّجاسةِ؛ لأنَّهُم يقولُون: إذا وردَ الماءُ على نَجاسةٍ في إناءٍ، أو موضِع، وكان الماءُ دُونَ القُلَّتينِ، أنَّ النَّجاسَةَ تُفسِدُهُ، وأنَّهُ غيرُ مُطهِّرٍ لها (٢).

فلم يُفرِّقُوا هاهُنا بين وُرُودِ الماءِ على النَّجاسةِ، وبينَ وُرُودِها عليه، وشَرْطُهُم أن يكونَ وُرُودُ الماءِ صبًّا مُهراقًا، تحكُّم لا دليلَ عليه، والله أعلمُ.

وقد أوَضْحنا مَذْهبنا في الماءِ، في بابِ إسحاقَ من هذا الكِتابِ، والحمدُ لله.

وفي هذا الحديثِ من الفِقهِ: إيجابُ الوُضُوءِ من النَّوم. وهُو أمرٌ مُجتَمع عليه في النّائم المُضطجِع الذي قدِ استثقلَ نومًا، وقال زيدُ بن أسلم وغيرُهُ في


(١) زاد هنا في ي ١: "موضع".
(٢) انظر: الحاوي للماوردي ١/ ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>