للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعبدُ الرَّزّاقِ (١)، عنِ ابنِ جُريج، عن إبراهيم بنِ ميسرةَ، أنَّ طاوُوسًا رقدَ يومَ الجُمُعةِ، والضَّحّاكُ يخطُبُ النّاسَ، قال: فلمّا صلَّينا وخرَجْنا، قال: ما قالَ حِينَ رَقدتُ؟

فهذه الآثارُ كلُّها تدُلُّ على أنَّ من نامَ جالِسًا، لا شيءَ عليه.

وقد تأوَّلَ بعضُهُم قولهُ - صلى الله عليه وسلم - في حديث هذا البابِ: "فإن أحدَكُم لا يَدْرِي أينَ باتَتْ يدُهُ"، أنَّ ذلك على نَوم اللَّيلِ، والمعرُوفُ منهُ في الأغلبِ الاضْطِجاعُ والاسْتِثقالُ، فعلى (٢) هذا خرجَ الحديثُ، واللهُ أعلمُ.

وأمّا قولُهُ في هذا الحديثِ: "فلا يَغْمِس يَدهُ في وَضُوئهِ". فإنَّ أكثرَ أهلِ العِلم ذهَبُوا إلى أن ذلك منهُ نَدْبٌ لا إيجابٌ، وسُنّةٌ لا فرضٌ.

وكان مالكٌ رحِمهُ اللهُ يَسْتحِبُّ لكلِّ من أرادَ الوُضُوءَ، أن يغسِلَ يَدهُ قبلَ أن يُدخِلها الإناءَ، وسواءٌ كان على وُضُوءٍ، أو على غيرِ وُضُوء.

ولقد رَوَى عنهُ أشهبُ في ذلك تأكِيدًا واستِحبابًا.

ورَوَى ابنُ وَهْبٍ، وابنُ نافِع، عن مالكٍ في المُتوضِّئ يخرُجُ منهُ رِيحٌ بحدَثانِ وُضُوئهِ وَيدُهُ طاهِرةٌ، قال: يغسِلُ يدَهُ قبلَ أن يُدخِلها الإناءَ، أحبُّ إليَّ (٣).

قال ابنُ وَهْبٍ: وقد كان قال لي قبل ذلك: إن كانت يدُهُ طاهِرةً، فلا بأسَ أن يُدخِلها في الوَضُوءِ قبل أن يَغسِلها. ثُمَّ قال لي: أحبُّ إليَّ أن يغسِلَ يَدهُ إذا أحدثَ، قبلَ أن يُدخِلها في وَضُوئهِ، وإن كانت يدُهُ طاهِرةً.


(١) في المصنَّف (٤٨٧).
(٢) في م: "لعلي".
(٣) انظر: الرسالة لابن أبي زيد القيرواني، ص ١٤، والنوادر والزيادات له ١/ ١٨، والجامع لمسائل المدونة للصقلي ١/ ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>