للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: أمّا المبِيتُ، فيُشبِهُ أن يكونَ ما قالهُ أحمدُ بن حنبلٍ صحِيحًا فيه؛ لأنَّ الخليلَ قال في كِتابِ "العين" (١): البيتُوتةُ دُخُولُك في اللَّيلِ، وكونُكَ فيه بنَوم وبغيرِ نَومٍ. قال: ومن قال: بتُّ بمعنى نِمتُ، وفسَّرهُ على النَّوم فقد أخطأ. قال: ألا ترى أنَّك تقُولُ: بتُّ أُراعِي النَّجم، معناهُ بتُّ أنظُرُ إلى النَّجم؟ قال: فلو كان نومًا كيف كان ينامُ وينظُرُ؟ إنَّما هُو ظلَلتُ أُراعِي النَّجمَ. قال: وتقُولُ: أباتهُمُ اللهُ إباتةً حسنةً، وباتُوا بيتُوتةً صالحةً، وأباتهُمُ الأمرُ بياتًا، كلُّ ذلك دُخُولُ اللَّيلِ، وليس من النَّوم في شيءٍ.

وقال إسحاقُ بن راهوية: لا يَنْبغِي لأحدٍ استيقظَ ليلًا أو نهارًا، إلّا أن يغسِلَ يدهُ قبلَ أن يُدخِلها الوَضُوءَ. قال: والقِياسُ في نوم النَّهارِ، أنَّهُ مِثلُ نوم اللَّيلِ. قال: فإذا كان النّائمُ ليلًا يجِبُ عليه أن يغسِلَ يدهُ قبلَ أن يُدخِلها الإناءَ، لما وردَ من ذلك في الحديثِ، فنومُ النَّهارِ مِثلُ نوم اللَّيلِ في القِياسِ.

قال أبو عُمر: لا أعلمُ أحدًا قال بقولِ الحسنِ وأحمدَ بنِ حنبلٍ في هذه المسألةِ غيرهُما، والنّاسُ على ما ذكَرنا عن إسحاقَ في التَّسوِيةِ بين نوم اللَّيلِ والنَّهارِ، فإن أدخلَ يدهُ في الإناءِ وهي طاهِرةٌ لا نَجاسةَ فيها، لم يضُرَّهُ عِندَهُم ذلك، وعلى هذا جُمهُورُ عُلماءِ المُسلِمِينَ من الصَّحابةِ والتّابِعِين.

ذكرَ عبدُ الرَّزّاقِ (٢)، عنِ الثَّورِيِّ، عن جابرٍ، عنِ الشَّعبِيِّ، قال: كان أصحابُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يُدخِلُونَ أيدِيهُم في الماءِ وهُم جُنُبٌ، والنِّساءُ حُيَّضٌ، فلا يُفسِّدُ ذلك بعضُهُم على بعضٍ.

وعبدُ الرَّزّاقِ (٣)، عن عُمر بنِ ذرٍّ، قال: رأيتُ إبراهيمَ النَّخعِيَّ قُرِّبَ لهُ


(١) العين ٨/ ١٣٨.
(٢) في المصنَّف (٣١٠) عن معمر، عن جابر، به.
(٣) في المصنَّف (٢٤١) عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، به مختصرًا، بقصة المهراس فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>