للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روَى هشامٌ، عنِ الحَسنِ، قال: منِ استَيقظَ فغمسَ يَدهُ في وَضُوئهِ، فلا يُهرِيقهُ (١).

وعلى هذا جماعةُ الفُقهاءِ، إلّا أنَّ من أدخلَ يدهُ في الإناءِ إذا استيقظَ من نَومِهِ قبلَ أن يَغسِلها، فقد أساءَ عِندَهُم، إذا كان عالِمًا بالخبَرِ في ذلك، ووُضُوؤهُ بذلك الماءِ جائزٌ، وليس عليه أن يُهرِيقَهُ إذا كانت يَدُهُ طاهِرةً.

واختُلِف عنِ الحسنِ البصرِيِّ أيضًا في الفرقِ بين نوم اللَّيلِ والنَّهارِ، فذكر المروزِيُّ، عن إسحاق بنِ راهوية، عن سَهْلِ بنِ يُوسُف، عن بعضِ أصحابه، عنِ الحسنِ: أنَّهُ كان يُساوِي بين نوم اللَّيلِ والنَّهارِ في غَسْلِ اليَدِ.

قال المروزِيُّ: وقد روينا عنِ الحَسَنِ خِلافَ هذا، بأثبتَ من هذا الإسنادِ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ الله، قال: حدَّثنا النَّضرُ بن شُمَيلٍ، قال: حدَّثنا أشعثُ، عنِ الحَسَنِ: أنَّهُ كان لا يجعلُ نومَ النَّهارِ، مِثل نوم اللَّيلِ، يقولُ: لا بأسَ إذا استيقظَ من نوم النَّهارِ أن يغمِسَ يدهُ في وَضُوئهِ (٢).

وإلى هذا ذهبَ أحمدُ بن حنبلٍ.

ذكر أبو بكرٍ الأثرمُ، قال: سمِعتُ أبا عبدِ الله، يعني أحمدَ بن حنبلٍ، يُسألُ عنِ الرَّجُلِ يَسْتيقِظُ من نومِهِ، فيَغمِسُ يَدهُ في الإناءِ قبلَ أن يَغْسِلها، فقال: أمّا بالنَّهارِ فليس به عِندِي بأسٌ، وأمّا إذا قامَ من النَّوم باللَّيلِ، فلا يُدخِل يَدهُ في الإناءِ حتَّى يَغسِلها، لأنَّهُ قال: "لا يَدْرِي أين باتَتْ يدُهُ". قال: فالمبِيتُ إنَّما يكونُ باللَّيلِ. قِيل لأبي عبدِ الله: فما يصنعُ بذلك الماءِ؟ قال: إن صَبَّ الماءَ وأبدَلهُ، فهُو أحسنُ وأسهلُ (٣).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٨٩٨) من طريق هشام، بنحوه، ولفظه: "إن شاء توضأ، وإن شاء أهراقه".
(٢) انظر: الأوسط لابن المنذر ٢/ ١٤.
(٣) انظر: مسائل الإِمام أحمد، رواية أبي داود السجستاني، ص ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>