للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجُملةُ ما ذهبَ إليه مالكٌ، واستقرَّ عليه مَذهبُهُ عِندَ أصحابه (١): أنَّ سُؤرَ الكلبِ طاهِرٌ، ويُغسَلُ الإناءُ من وُلُوغِهِ سبعًا تعبُّدًا، استِحبابًا (٢) أيضًا لا إيجابًا، وكذلك يُستَحبُّ لمن وجدَ ماءً لم يَلَغْ فيه كلبٌ (٣)، مع ماءٍ قد ولغَ فيه كلبٌ، أن يترُكَ الذي ولغَ فيه الكلبُ، وغيرُهُ أحبُّ إليه منهُ.

وجاءَت عنهُ رِواياتٌ في ظاهِرِها اضطِرابٌ، والذي تحصَّل عليه مذهبُهُ ما أخبرتُكَ، ولا بأسَ عِندهُ بأكلِ ما ولغَ فيه الكلبُ، من اللَّبنِ، والسَّمنِ، وغيرِ ذلك. ويُستحبُّ هَرقُ ما ولغَ فيه من الماءِ.

وفي الجُملةِ هُو عِندهُ طاهِرٌ، وقال في هذا الحديث: ما أدْرِي ما حقِيقتُهُ؟ وضعَّفهُ مِرارًا، فيما ذكرَ ابنُ القاسم عنهُ.

وذكرَ عنهُ ابنُ وَهْبٍ في هذا الإسنادِ، في حديثِ المُصرّاةِ (٤)، أنَّهُ قال: وهل في هذا الإسنادِ لأحدٍ مقالٌ؟ وذلك حِين بلَغهُ أنَّ أبا حنِيفةَ وغيرهُ من أهلِ العِراقِ يرُدُّونهُ.

ورَوَى ابنُ القاسم عنهُ: أنَّهُ لا يُغسَلُ الإناءُ من وُلُوغ الكَلْبِ، إلّا في الماءِ وحدَهُ (٥).

ورَوَى ابنُ وَهْبٍ عنهُ: أنَّهُ يُغسَلُ من الماءِ وغيرِهِ، وكلُّ إناءٍ ولغ فيه، طعامًا كان أو غيرهُ، يُؤكلُ الطَّعامُ، ويُغسلُ الإناءُ بَعدُ تعبُّدًا، ولا يُراقُ شيءٌ من الطَّعام، وإنَّما يُراقُ الماءُ عِندَ وُجُودِهِ، ليسارةِ مؤُونتِهِ.


(١) انظر: المدونة ١/ ١١٦.
(٢) في د ٢: "واستحبابًا".
(٣) في م: "الكلب".
(٤) الذي أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٢١٦ (١٩٩٥).
(٥) انظر: النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني ٤/ ٣٨١، واختلاف أقوال مالك وأصحابه للمصنِّف، ص ٢٤، والاستذكار ١/ ٢٠٨. وانظر فيه أيضًا ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>