للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: فأمرَ بإراقةِ ما ولغَ فيه الكلبُ، كما أمرَ بإراقةِ السَّمنِ المائع إذا وُجِدَتْ فيه ميتةٌ، وبطرح السَّمنِ الجامِدِ الذي حول الفأرةِ، إذا ماتَتْ فيه.

قال أبو عُمر: أمّا هذا اللَّفظُ في حَدِيثِ الأعمشِ: "فليُهرِقهُ" (١). فلم يَذْكُرهُ أصحابُ الأعمشِ الثِّقاتُ الحُفّاظُ، مِثل شُعبةَ وغيرِهِ.

وأمّا قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "طُهُورُ إناءِ أحدِكُم". فصحِيح، إلّا أنَّهُ قد يَقعُ التَّطهِيرُ على النَّجِسِ، وعلى غيرِ النَّجِسِ، ألا ترى أنَّ الجُنُب ليس بنَجِسٍ فيما مسَّ ولاصقَ، وقد قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦] فأمرَ الجُنُب بالتَّطهِيرِ؟

وقال المُخالِفُ: الانْفِصالُ من هذا، أنَّ الجُنُبَ غُسلُهُ عِبادةٌ، وليس الإناءُ مِمّا يَلْحَقُهُ عِبادةٌ، ويدخُلُ عليه أنَّ الإناءَ يجُوزُ أن يكونَ مُتعبَّدًا فيه، كما أنَّ عددَ الغَسَلاتِ عِبادةٌ عِندَهُ.

وينفصِلُ من هذا أيضًا، أنَّ الأصلَ في الشَّرائع العِللُ، وما كان لغيرِ عِلَّةٍ (٢) وردَ به التَّوقِيفُ.

وفي هذه المسألةِ كلامٌ كثِيرٌ بينَ الشّافِعِيِّينَ والمالكِيِّينَ يَطُولُ الكِتابُ بذِكرِهِ.

وهي مسألةٌ قدِ اختلفَ فيها السَّلفُ والخَلَفُ، كما اختَلَفُوا في مِقدارِ الماءِ الذي تَلْحقُهُ النَّجاسةُ.

وفيما مَضَى في سائرِ الكِتابِ في ذلك كِفايةٌ.

ذكر عبدُ الرَّزّاقِ (٣)، عنِ الثَّورِيِّ، عن عُبَيدِ الله بنِ عُمرَ، عن نافِع، عنِ ابنِ عُمرَ.


(١) في الأصل، د ٢، ت: "فليهريقه".
(٢) في ت: "من غير علة". وفي م: "لغير العلة".
(٣) في المصنَّف (٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>