للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لإحداهُما (١) لو كانت رَجُلًا نِكاحُ أُختِها، فكذلك كلُّ من كان بمَنزِلتِهِما من ذواتِ المحارِم، وإن بعُدنَ، إذا كانت إحدى المرأتينِ لو كان مكانها رَجُلٌ، لم يجُز أن يَتزوَّج الأُخرى، لم يحِلَّ الجَمعُ بينهُما لأحدٍ.

ورَوى مُعتمِرُ بن سُليمانَ، عن فُضيلِ بنِ مَيْسرةَ، عن أبي حرِيز (٢)، عنِ الشَّعبِيِّ، قال: كلُّ امرأتينِ إذا جَعلتَ موضِعَ إحداهُما ذكرًا، لم يجُز لهُ أن يتزوَّجَ بالأُخرى، فالجمعُ بينهُما باطِلٌ. فقلتُ لهُ: عمَّن هذا؟ فقال: عن أصحابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).

وذكر عبدُ الرَّزّاقِ (٤)، عنِ الثَّورِيِّ، عنِ ابنِ أبي ليلى، عنِ الشَّعبِيِّ، قال: لا يَنْبغِي لرجُلٍ أن يجمعَ بينَ المرأتينِ، لو كانت إحداهُما رجُلًا، لم يحِلَّ لهُ نِكاحُهُما.

قال سُفيانُ: تفسِيرُهُ عِندَنا أن يكونَ من النَّسبِ، ولا يكونُ بمَنزِلةِ امرأةٍ وابنةِ زَوْجِها، يجمعُ بينهُما إن شاءَ.

قال أبو عُمر: وعلى هذا مذهبُ مالكٍ، والشّافِعِيِّ، وأبي حنيفةَ، والأوزاعِيِّ، وسائرِ فُقهاءِ الأمصارِ (٥) من أهلِ الحديثِ وغيرِهِم، فيما علِمتُ، لا يختلِفُونَ في هذا الأصلِ.

وقد كرِهَ قومٌ من السَّلفِ، أن يجمعَ الرَّجُلُ بين ابنةِ رجُلٍ وامرأتِهِ، من أجلِ أنَّ إحداهُما لو كانت رجُلًا، لم يحِلَّ لهُ نِكاحُ الأُخرى.


(١) في م: "لأحدهما".
(٢) في د ٢: "جرير"، خطأ. وقد سلف التنبيه عليه، وهو عبد الله بن الحسين الأزدي، أبو حريز البصري، قاضي سجستان. انظر: الإكمال لابن ماكولا ٢/ ٨٧، وتهذيب الكمال للمزي ١٤/ ٤٢٠، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين ٢/ ٢٩١.
(٣) ذكره العراقي في طرح التثريب ٧/ ٣٢، عن المصنف، به. والقرطبي في تفسيره ٥/ ١٢٦، عن معتمر، به.
(٤) في المصنَّف (١٠٧٦٨).
(٥) في ي ١، ت: "علماء المسلمين" بدل: "فقهاء الأمصار".

<<  <  ج: ص:  >  >>