للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك في غير إصلاح الصلاةِ وشأنِها. فكذلك الكلامُ يجوزُ منه لإصلاح الصلاةِ وشأنِها ما لا يجوزُ لغيرِ ذلك؛ إذِ الفِعْلان منهيٌّ عنهما، واللَّهُ أعلم.

وممَّن قال من السَّلفِ بمعنَى حديثِ ذي اليَدَيْنِ، ورأى البناءَ جائزًا لمن تكلَّم في صلاتِه ساهيًا؛ عبدُ اللَّه بنُ الزُّبيرِ، وابنُ عباسٍ، وعُروةُ، وعطاءٌ، والحسنُ، وقتادةُ، والشعبيُّ. ورُوِيَ أيضًا عن الزبيرِ بنِ العوام، وأبي الدرداءِ مثلُ ذلك (١)، وقال بقول أبي حنيفةَ في هذا البابِ إبراهيمُ النخعِيُّ، وحمَّادُ بنُ أبي سُليمانَ، ورُويَ عن قتادة أيضًا مثلُه، والحجةُ عندَنا في سُنّةِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهي القاضيةُ فيما اختُلِف فيه، وباللَّه التوفيق.

وفي هذا الحديثِ أيضًا إثباتُ حُجَّةِ مالكٍ وأصحابِه في قولِهم: إذا نَسِيَ الحاكمُ حُكمَه فشهِد عليه شاهدان نفَّذه وأمضَاه، وإنْ لم يذكرْه؛ لأنَّ النبيَّ عليه السلامُ رجَع إلى قولِ ذي اليَدَين ومَن شهِد معه، إلى شيءٍ لم يذكُرْه.

وقال الشافعِيُّ وأبو حنيفةَ: لا يُنفِّذُه حتى يَذكرَ حُكمَه به على وجهِه.

وفيه إثباتُ سجودِ السهوِ على من سَهَا في صلاتِه.

وفيه أنَّ السجودَ يكونُ بعدَ السلام إذا زادَ الإنسانُ في صلاتِه شيئًا سهوًا، وبه استدلَّ أصحابُنا على أنَّ السجودَ بعدَ السلام فيما كان زيادةً من السَّهوِ في الصلاة.

وفيه أنَّ سجدَتَي السَّهْوِ يُسلَّمُ منهما ويكبَّرُ في كُلِّ خفضٍ ورفع فيهما، وهذا موجودٌ في حديثِ أبي هريرةَ، وعِمرانَ بنِ حُصينٍ، في قصةِ ذي اليدَيْنِ من وُجُوِهٍ ثابتةٍ، وسنذكُرُ اختلافَ الفقهاءِ في سُجودِ السَّهوِ وموضعِه من الصلاةِ في بابِ


(١) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق ٢/ ٣١٢ (٣٤٩٢) و (٣٤٩٤) و ٢/ ٣٢٩ (٣٥٦٧).
والمصنَّف لابن أبي شيبة (إذا سلّم من الركعتين ثم ذكر أنه لم يُتمّ) ٢/ ٣٦ و ٢/ ٣٨، والأوسط لابن المنذر (ذكر اختلاف أهل العلم في الكلام في الصلاة ساهيًّا) ٣/ ٤١٧ - ٤١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>