للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخرُ (١):

لو رأينا التَّوكِيدَ خُطَّةَ عَجْزٍ ... ما شَفَعنا الأذانَ بالتَّثوِيبِ

ولا خِلافَ عَلِمتُهُ، أنَّ التَّثوِيبَ عِندَ عامَّةِ العُلماءِ وخاصَّتِهِم، قولُ المُؤَذِّنِ: الصَّلاةُ خير من النَّوم.

ولهِذا قال أكثرُ الفُقهاءِ: لا تثوِيبَ إلّا في الفَجرِ.

وقال الحسنُ بن حيٍّ: يُثوَّبُ في الفجرِ والعِشاءِ.

وقال حمّادٌ، عن إبراهيمَ: التَّثوِيبُ في صلاةِ العِشاءِ والصُّبح، لا في غيرِهِما.

وقال ابنُ الأنبارِيِّ: إنَّما سُمِّي التَّثوِيبُ تثوِيبًا، وهُو قولُهُ (٢): الصَّلاةُ خيرٌ من النَّوم، الصَّلاةُ خيرٌ من النَّوم. لأنَّهُ دُعاءٌ ثانٍ إلى الصَّلاةَ، وذلك أنَّهُ لمَّا قال: حيَّ على الصَّلاةِ، حيَّ على الفلاح. وكان هذا دُعاءً إلى الصَّلاةِ، ثُمَّ عاد فقال: الصَّلاةُ خيرٌ من النَّوم، فدعا إليها مرَّةً أُخرَى، عاد إلى ذلك، والتَّثوِيبُ عِندَ العربِ: العَوْدةُ. وذَكَر نحوَ ما تقدَّمَ.

وقد يحتمِلُ أن تكونَ الإقامةُ سُمِّيت تثوِيبًا، لتَثنيتِها في مَذهبِ من رأى تَثْينِتها، أو تثنيةَ (٣) قولِهِ: قد قامَتِ الصَّلاةُ (٤)، عِندَ من قال ذلك من العُلماءِ، وهُمُ الأكثرُ (٥).

وأمّا اختِلافُ العُلماءِ في الإقامةِ.

فقال مالكٌ (٦): تُفرَدُ الإقامةُ، ويُثنَّى الأذانُ.


(١) هو أبو تمام، انظر: ديوانه ١/ ١٢٦.
(٢) في ي ١، د ٢، ت: "أن يقول".
(٣) في الأصل: "وتثنية".
(٤) زاد هنا في الأصل، م: "قد قامت الصلاة".
(٥) بعد هذا في الأصل: "وقال ابن الأنباري: إنما سمي التثويب تثويبًا، وهو قول المؤذن: الصلاة خير من النوم"، وهو تكرار لا معنى له.
(٦) انظر: المدونة ١/ ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>