للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ذلك إلى حديثِ عبدِ الله بنِ زيدٍ، وهُو حديثٌ مُختَلفٌ في ألفاظِهِ وإسنادِهِ، وسَنذكُرُهُ في بابِ يحيى بنِ سعِيدٍ إن شاءَ الله.

وذهبَ مالكٌ والشّافِعِيُّ في الأذانِ والإقامَةِ إلى حديثِ أبي محذُورةَ، ولا خِلافَ بين مالكٍ والشّافِعِيِّ في الأذانِ، إلّا في قولِهِ: اللهُ أكبرُ في أوَّلِهِ، فإنَّ الشّافِعِيَّ ذهَبَ إلى أنَّ ذلك يُقالُ أربعَ مرّاتٍ، وذهَبَ مالكٌ إلى أنَّ ذلك يُقالُ مرَّتينِ، وأكثرُ الآثارِ عن أبي محذُورةَ وغيرِهِ على ما قال الشّافِعِيُّ، وهُو أذانُ أهلِ مكَّةَ، والأذانُ بالمدِينةِ على ما قال مالكٌ، وهُو شيءٌ يُؤخَذُ عَملًا؛ لأنَّهُ لا يَنْفكّ منهُ، ومِثلُ هذا يَصِحُّ فيه ادِّعاءُ العَملِ بالمدِينةِ.

واتَّفقَ مالكٌ والشّافِعِيُّ على التَّرجِيع بالشَّهادةِ في الأذانِ خاصَّةً دُونَ الإقامةِ، على ما في حديثِ أبي محذُورةَ.

وذهبَ الكُوفيُّون إلى أنْ لا ترجِيعَ في أذانٍ (١) ولا إقامةٍ، وإنَّما ذلك عِندهُم مثنى مثنى، إلّا التَّكبِير في أوَّلِهِ، على حسَبِ ما ذكَرتُهُ لك (٢).

وقال أحمدُ وإسحاقُ: إن رجَّعَ، فلا بأسَ. قال إسحاقُ: هُما مُسْتعملانِ، والذي أختارُ أذانُ بلالٍ.

وقالت طائفة منهُمُ الطَّبرِيُّ: إن شاءَ رجَّعَ، وإن شاءَ لم يُرجِّع، وإن شاءَ أذَّنَ كأذانِ أبي محذُورةَ، وإن شاءَ كأذانِ بلالٍ، وفي الإقامةِ أيضًا إن شاءَ ثنَّى، وإن شاءَ أفردَ، وإن شاءَ قال: قد قامتِ الصَّلاةُ مرَّةً، وإن شاءَ مرَّتينِ، كلُّ ذلك مُباحٌ.

قال أبو عُمر: قولُ داودَ وأصحابه في الأذانِ والإقامةِ كَقولِ الشّافِعِيِّ سواءٌ، ومن حُجَّةِ مالكٌ والشّافِعِيِّ في إفرادِ الإقامَةِ: ما حدَّثناهُ عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن زُهَيرٍ، قال: حدَّثنا


(١) في م: "الأذان".
(٢) في ي ١، ت: "ذكر مالك". وفي د ٢: "ذكرت لك".

<<  <  ج: ص:  >  >>