للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تغور (١) بئرُ جارِهِ، فهُو يُكرَهُ على أن يَسْقِيهُ فضل مائهِ، لئَلّا يهلك زَرْعُهُ ونخلهُ، حتَّى يُصلِحَ بئرهُ (٢).

قال ابنُ وَهْب: وسمِعتُ مالكًا وسُئلَ عن تَفسِيرِ قولِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُمنَعُ نقعُ بئرٍ". فقال مالكٌ: بئرُ الرَّجُلِ تَنهارُ، فيَقِلُّ ماؤُها، فلا يَمْنعُهُ جارُهُ أن يَسْقِيَ أرضَهُ من بئرِهِ، حتَّى يُصلِحَ بئرهُ. وقال: هذا تَفسِيرُهُ في رأيِي. قال: وسُئلَ مالكٌ عن قولِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُمنَعُ فضلُ الماءِ، ليُمنع به الكلأُ". فقال مالكٌ: يكونُ الكلأُ بالموضِع، ويكونُ فيه الماءُ للرَّجُلِ، فيأتي آخرُ بغَنمِهِ ليرعَى في ذلك الكلأ، فيمنعُهُ ذلك أن يَسْقِيَ من مائهِ. قال: ولو قدرَ النّاسُ على هذا، لحَمَوْا بلادَهُم، ولم يَدَعُوا أحدًا يَدخُلُ عَليهِم في الكَلأ (٣).

وقد تقدَّمَ القَولُ في معنَى ذلك كلِّهِ، بما لفُقهاءِ الأمْصارِ فيه من المذاهِبِ والأقوالِ، والاعتِلالِ والاعتِبارِ، في بابِ أبي الرِّجالِ، من كِتابِنا هذا، فمن تأمَّلهُ هناكَ، اكتفَى به إن شاءَ الله.

قال ابنُ وَهْب: قال مالكٌ: لا تُباعُ مِياهُ الماشِيةِ، إنَّما تشربُ منها (٤) الماشِيةُ، وأبناءُ السَّبِيلِ، ولا يُمنَعُ من أحدٍ، وقد كان يُكتَبُ على منِ احتَفَرها: أنَّ أوَّل من يَشْربُ منها أبناءُ السَّبِيلِ. قال: وكذلك جِبابُ البادِيةِ التي تكونُ للماشِيةِ. فقيلَ لمالكٍ: أفرأيتَ الجِباب التي تُجعلُ لماءِ السَّماءِ؟ قال: فذلك أبعَدُ (٥).


(١) في م: "إن تعذر"، محرفة، والمثبت من د ٢، وهو الصواب من غير ارتياب.
(٢) انظر: المدونة ٤/ ٤٧٠.
(٣) من قوله: "لم يختلف قول مالك" إلى هنا، جاء مكانه في ي ١، د ٢: "أبين وأبسط".
(٤) في الأصل: "بها"، والمثبت من د ٢ وغيرها.
(٥) من قوله: "قال ابن وهب: قال مالك" إلى هنا لم يرد في ي ١، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>