للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدُّعاءِ للدِّينِ والدُّنيا في الوَقْتينِ المذكُورينِ، رجاءَ الإجابَةِ، فإنَّهُ لا يخِيبُ إن شاءَ الله، ولقد أحسنَ عَبِيدُ بن الأبرصِ، حيثُ قال (١):

من يسألِ النّاسَ يحرِمُوهُ ... وسائلُ الله لا يخِيبُ

وقدِ احتجَّ بعضُ من خالفَ مذهبَ عبدِ الله بن سَلَام في هذا البابِ، بقولِهِ - صلى الله عليه وسلم - في الأحادِيثِ المذكُور في هذا البابِ: "وهُو قائمٌ يُصلِّي" قالوا: فقولُهُ: "قائمٌ يُصلِّي (٢) " يدفعُ قولَ مَن قال: إنَّها آخِرُ ساعةٍ من النَّهارِ بعدَ العصِر؛ لأنَّها ليَسْت ساعةً يجُوزُ للعبدِ المُسلِم فيها أن يقُومَ فيُصلِّي.

وقد ينفصِلُ من هذا الإدخالِ بوَجْهينِ:

أحدُهُما: أنَّ أبا هريرةَ سلَّم لابنِ سَلام تأوِيلَهُ، ولم يَعْترِضْ عليه بقولِهِ: "قائمٌ"، فإن كان صحِيحًا، فمعناهُ على ما قال بعضُ أهلِ اللُّغةِ: إنَّ "قائمًا" قد يكونُ بمعنى "مُقِيم". قالوا: ومن ذلك قولُ الله عزَّ وجلَّ: {مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل: عمران: ٧٥] يعني: مُقِيمًا.

والوجهُ الآخرُ: أنَّهُ لو كانَ عِندهُ صحِيحًا في اللَّفظِ والمعنى، لعارَض (٣) به ابنَ سلام، واللهُ أعلمُ.

وستأتي قِصَّةُ ابنِ سلام معَ أبي هريرةَ، في بابِ يزِيدَ بن الهادِ، من هذا الكِتابِ إن شاءَ الله.


(١) في ي ١، ت: "يقول"، والبيت من معلّقته المشهورة التي مطلعها: "أقفر من أهله ملحوبُ".
(٢) هذه الكلمة لم ترد في ي ١، ت.
(٣) في ي ١، ت: "يعارض".

<<  <  ج: ص:  >  >>