للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عندَه في الحَنُوطِ لا في شيءٍ مِن الماءِ. وإلى هذا ذهَبَ أبو حَنِيفَةَ وأصْحابُه (١). ولا معْنَى لذلك؛ لأنَّه قد ثبَتَ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّه قال للنِّساءِ اللاتي غَسَلْنَ ابْنَتَه: "اجْعَلْنَ في الآخِرَةِ كافُورًا". وعلى هذا جُمْهُورُ العُلَماءِ، أنْ يُغْسَلَ الميتُ الغَسْلَةَ الأُولَى بالماءِ القَرَاح، والثانِيةَ بالماءِ والسِّدْر، والثالثةَ بماءٍ فيه كافُور (٢).

حدَّثنا عبدُ اللَّه بنُ محمدِ بنِ عبدِ المُؤْمِنِ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بكرٍ (٣)، قال: حدَّثنا أبو داودَ (٤)، حدَّثنا هُدْبَةُ بنُ خالدٍ، قال: حدَّثنا هَمَّامٌ، قال: حدَّثنا قَتَادَةُ، عن محمدِ بنِ سِيرِينَ، أنَّه كانَ يأْخُذُ الغَسْلَ عن أُمِّ عَطِيَّةَ: يُغْسَلُ بالماءِ والسِّدْرِ مرَّتَيْنِ، والثالثَةَ بالماءِ والكافُور.

ومِن أهْلِ العِلْم مَن يَذْهَبُ إلى أنَّ الغسَلاتِ الثَّلاثَ كلَّها بالسِّدْرِ، على ما جاءَ في الحديثِ أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غُسِلَ ثلاثَ غسَلاتٍ، كلُّهُنَّ بماءٍ وسِدْرٍ.

وقال أبو بكرٍ الأثرمُ: قلتُ لأحمدَ بنِ حَنْبَلٍ: تذهَبُ إلى السِّدْرِ في الغسَلاتِ كلِّها؟ قال: نَعَمْ؛ السِّدْرُ فيها كلِّها على حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ: "اغْسِلْنها ثَلاثًا، أو خَمْسًا، أو أكثرَ مِن ذلك، إنْ رأيْتُنَّ ذلكَ، بماءٍ وسِدْرٍ"، وحديثِ ابنِ عباسٍ: "بماءٍ وسِدْرٍ" (٥). ثم قال: ليس في غَسْلِ الميِّتِ أرْفَعُ مِن حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ ولا أحْسَنُ منه، فيه: "ثَلاثًا، أو خَمْسًا، أو سَبْعًا، وابْدَأْنَ بِمَيَامِنِها". ثم قال: ما أحْسَنَه!


(١) ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ١/ ٤٢٠، وتحفة الفقهاء للسمرقندي ١/ ٢٤٣.
(٢) ينظر: الأوسط لابن المنذر ٥/ ٣٤٤، ٣٩٣، والإقناع له ١/ ١٥١.
(٣) هو أبو بكر ابن داسة التمّار راوي سنن أبي داود عنه، ومن طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى ٣/ ٣٨٩ (٦٨٧٤).
(٤) سننه (٣١٤٧)، ورجال إسناده ثقات.
(٥) أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٣٥٠ (١٨٥٠)، والبخاري (١٨٥١)، ومسلم (١٢٠٦)، وأبو داود (٣٢٣٨)، وابن ماجة (٣٠٨٤)، والترمذي (٩٥١)، والنسائي في المجتبى (١٩٠٤) و (٢٧١٣)، وفي الكبرى ٢/ ٤١٣ (٢٠٤٢) و ٤/ ٣٨ (٣٦٧٩) من حديث سعيد بن جُبير عنه رضي اللَّه عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>