للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدَّثنا سعيدُ بنُ نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسِمُ بنُ أصْبَغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ وَضّاح، قال: حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شَيْبَةَ، قال (١): حدَّثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عن خالدٍ الحَذَّاء، عن حَفْصَةَ، عن أُمِّ عَطِيَّةَ، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لَهُنَّ في غَسْلِ ابْنَتِه: "ابْدَأْنَ بِمَيامِنها ومَوَاضِع الوُضُوءِ منها".

قال أبو عُمر: تَطْهِيرُ الميِّتِ تَطْهِيرُ عِبادَةٍ لا لإزالةِ نَجاسَةٍ، وإنَّما هو كالجُنُبِ، وغَسْلُه كغُسْلِ الجُنُبِ سواءً، فأوَّلُ ما يَبْدَأُ الغاسِلُ به مِن أمْرِه بعدَ سَتْرِه جهْدَه، أن يَعْصِرَ بَطْنَه عصْرًا خَفِيفًا رَفِيقًا، فإنَّ الاسْتِنْجاءَ يُقَدَّمُ في الوُضُوءِ على كلِّ شيءٍ منه (٢)، فإن خرَجَ منه شيءٌ، تَناوَلَ غَسْلَ أسْفَلِه وعلى يَدِه خِرْقَةٌ، ولا يَحِلُّ له أنْ يُبَاشِرَ قُبُلَه ولا دُبُرَه إلَّا وعلى يَدِهٌ خِرْقَة مَلْفُوفَةٌ، يُدْخِلُ بها يَدَه مِن تحتِ الثَّوبِ الذي يُسَجَّى به الميِّتُ ويُسْتَرُ به للغَسْلِ، فيَغْسِلُ فَرْجَيْه غَسْلًا ناعمًا، ويُوالَى بصَبِّ الماءِ على يَدِ الغاسلِ حتى يَصِحَّ إنْقاؤُه، ثم يَبْتَدِئُ فيُوَضِّئُه وضوءَ الصَّلاة.

قال أبو الفَرَج حاكِيًا عن مالكٍ: يَجْعَلُ الغاسِلُ خِرْقَةً على يَدِه يُباشِرُ بها فَرْجَ الميِّتِ إنِ احْتاجَ إلى ذلك. وكذلك قال الوَقَّار (٣).

قال أبو عُمر: اخْتَلفَ العُلَماءُ في مَضْمَضةِ الميِّتِ عندَ وُضُوئِه، وفي غَسْلِ أنْفِه، ودَلْكِ أسْنانِه؛ فرَأى ذلك منهم قَوْمٌ، وأباه آخرونَ. ولا وَجْهَ لقولِ مَن أبى من ذلك.


(١) في المصنَّف (١٠٩٩٨)، ومن طريقه مسلم (٩٣٩) (٤٣).
وأخرجه أحمد في المسند ٤٥/ ٢٨٣ (٢٧٣٠٢)، والبخاري (١٦٧) و (١٢٥٥)، وأبو داود (٣١٣٥)، والنسائيّ في المجتبى (١٨٨٤)، وفي الكبرى ٢/ ٤٠٥ (٢٠٢٣) من طريق إسماعيل بن إبراهيم ابن عُليّة، به.
(٢) "منه" لم ترد في الأصل.
(٣) هو محمد بن زكريا بن يحيى، أبو بكر الوقار المالكي، وكذلك نقل عن مالك عبدُ الرحمن بن القاسم كما في المدوّنة ١/ ٢٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>