للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا فرَغَ بوُضُوئِه، بدَأ بغَسلِ شِقِّه الأيْمَنِ مِن رَأْسِه إلى طرَفِ قَدَمِه اليُمْنَى، ثم يَصْرِفُه برِفْقٍ على شِقِّه، فيَغْسِلُ شِقَّه الأيْسَرَ مِن قَرْنِ رَأْسِه إلى طرَفِ قَدَمِه حتى يأْتِيَ الغَسْلُ على جَمِيعِه بالمَاءِ القَرَاحِ، وإنْ كانَ فيه سِدْرٌ فحَسَنٌ، ثم يَغْسِلُه غَسْلَةً ثانِيَةً بماءٍ فيه وَرَقُ سِدْرٍ مَدْقُوقٌ، أو بسِدْرٍ يجْعَلُه في رَأْسِه ولِحْيَتِه ويَغْسِلُه به، ويَبْدَأُ برَأْسه قبلَ لِحْيَتِه، فإنْ لم يكنْ سِدْرٌ فبِالأُشْنَانِ، أو بالخَطْميِّ، أو بالحُرُضِ، أو الماءِ القَرَاحِ، حتى يأتي أيضًا على تَمام غَسْلِه كغُسْلِ الجنابَةِ، وهو في ذلك كلِّه يَسْتُرُه طاقَتَه، ويَغُضُّ بصَرَه عن عَوْرَته كما يُفْعَلُ بالحيِّ، وإنْ كان به قُروحٌ أو جِراحٌ أخَذَ عَفْوَه، ومِن أهْلِ العِلْم مَن يَسْتَحِبُّ أنْ يُوَضِّئَه في كُلِّ غَسْلَةٍ، ومنهم مَن يقولُ: الوُضوءُ في أوَّلِ مرَّةٍ يكْفِي (١). ثم يَغْسِلُ الثالثَةَ بماءِ الكافُورِ كما غَسَلَه في الأُولى، فإذا أكْمَلَ غَسْلَه جفَّفَه، وحشَا داخلَ إزارِه قُطْنًا وهو على مُغْتَسَلِه، ثم شَدَّ عليه شِدادتَهُ مِن خلفِه إلى مُقَدَّمِه، ثم حمَلَه رفْقًا في ثَوْبِه إلى نَعْشِه، وأدْرَجَه في أكفانِه.

ووجْهُ العَملِ أنْ يَبْدَأَ الغاسِلُ بتَهْذِيبِ اكْفانِه، ونَشْرِها، وتَجْمِيرِها (٢) قبلَ أخْذِه في غَسْلِه. والوتْرُ عندَهم في الغَسَلاتِ مُسْتَحَبٌّ غيرُ واجبٍ عندَ الجميع، وليسَ الوتْرُ في غَسْلِ الميِّتِ كالوتْرِ في الاسْتِنْجاءِ بالأحْجارِ عندَ مَن أوْجَبَ ذلك.

ذكَرَ عبدُ الرَّزَّاقِ (٣)، عن ابنِ جُرَيْج، عن عَطَاءٍ قال: يُغْسَلُ الميِّتُ وتْرًا؛ ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، كلُّهُنَّ بماءٍ وسِدْرٍ، وفي كُلِّ غَسْلَةٍ يُغْسَلُ رأْسه مع سائرِ جَسَدِه. قلتُ: وتُجْزِئ واحِدَةٌ؟ قال: نعم، إذا أنْقَوْا.


(١) ينظر: الأوسط لابن المنذر ٥/ ٣٤٤، وبداية المجتهد لابن رشد ١/ ٢٤٤.
(٢) أي: تطييبها.
(٣) في المصنَّف ٣/ ٣٩٧ (٦٠٧٥). ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

<<  <  ج: ص:  >  >>