للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال (١): وأخبَرنا مَعْمَر، عن أيُّوبَ، عن أبي قِلابَةَ وابنِ سِيرِينَ قالا: إذا طالَ مرَضُه ولم يَجِدُوا سِدْرًا، غَسَلُوه بالأُشْنَانِ إنْ شاءُوا.

ويُقالُ: إنَّ أعْلَمَ التَّابِعينَ بغَسْلِ الميتِ، ابنُ سِيرِينَ، ثم أيُّوبُ، وكِلاهُما كانَ غاسِلًا مُتَوَلِّيًا لذلك بنَفْسِه، مُحْسِنًا مُجِيدًا.

ذكرَ عبدُ الرَّزَّاقِ (٢)، قال: أخبَرنا مَعْمَر، عن أيُّوبَ، عن ابنِ سِيرِينَ في الميِّتِ يُغْسَلُ، قال: تُوضَعُ خِرْقَةٌ على فَرْجِه وأُخْرَى على وَجْهِه، فإذا أرادَ أنْ يُوضِّئَه كشَفَ الخِرْقَةَ عن وَجْهِه، فيُوضِّئُه بالماءِ وُضُوءَ الصلاةِ، ثم يَغْسِلُه بالماءِ والسِّدْرِ مَرَّتَينِ مِن رأْسِه إلى قدَمِه؛ يبدَأُ بميَامِنِه، ولا يكْشِفُ الخِرْقَةَ التي على فَرْجِه، ولكِنْ يَلُفُّ على يَدِه خِرْقَةً إذا أرادَ أنْ يَغْسِلَ فَرْجَه، ويَغْسِلُ ما تحتَ الخِرْقَةِ التي على فَرْجِه بماءٍ، فإذا غسَلَه مرَّتَيْنِ بالماءِ والسِّدْرِ غسَلَه المرَّةَ الثالثةَ بماءٍ فيه كافُورٌ. قال: والمَرْأَةُ أيضًا كذلك. قال: فإذا فَرَغَ الغاسِلُ اغْتَسَلَ إنْ شاءَ أو تَوَضَّأ.

قال أبو عُمر: لا غُسْلَ ولا وُضُوءَ على الغاسِلِ واجبًا عندَ جماعَةِ الفُقَهاءِ وجُمْهُورِ العُلَماءِ، وهو المَشْهُورُ مِن مَذْهَبِ مالكٍ، والمَعْمُولُ به عندَ أصْحابِه على حَدِيثِ أسْماءَ بنتِ عُمَيْسِ حينَ غسَلَتْ أبا بكر (٣). وستَأْتي هذه المَسْألةُ في بابِها مِن هذا الكتابِ إنْ شاءَ اللَّه (٤).

قال أبو عُمر: إنَّما قال ابنُ سِيرِينَ: يضَعُ خِرْقَةً على وَجْهِه سَتْرًا له؛ لأنَّ الميِّتَ رُبَّما تغيَّرَ وَجْهُه بالسَّوادِ ونحوِه عندَ المَوْتِ؛ وذلك لداءٍ أو لغَلَبَةِ دَم، فيُنْكِرُه


(١) في المصنَّف ٣/ ٣٩٩ (٦٠٨٢) دون ذكر ابن سيرين. معمر: هو ابن راشد، وأيوب: هو السختيانيّ، وأبو قلابة: هو عبد اللَّه بن زيد الجرمىّ.
(٢) في المصنَّف ٣/ ٤٠١ بإثر (٦٠٨٨).
(٣) أخرجه مالك في الموطّأ ١/ ٣٠٦ (٥٩٣) عن عبد اللَّه بن أبي بكر، عنها رضي اللَّه عنها.
(٤) ينظر: الموطأ ١/ ٣٠٦ (٥٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>