للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الأخفشُ: اللَّغوُ: الكلامُ الذي لا أصلَ لهُ من الباطِلِ وشبهِهِ، قال العجّاجُ (١):

عن اللَّغا ورفثِ التَّكلُّمِ (٢)

قال أبو عُمرة لا خِلافَ علِمتُهُ بين فُقهاءِ الأمصارِ في وُجُوبِ الإنصاتِ للخُطبةِ، على من سمِعها في الجُمُعةِ، وأنَّهُ غيرُ جائزٍ أن يقولَ الرَّجُلُ لمن سمِعهُ من الجُهّالِ يَتَكلَّمُ والإمامُ يخطُبُ يوم الجُمُعةِ: أنصِت، أو: صَهٍ، أو نحوَ ذلك، أخذًا بهذا الحديثِ، واستِعمالًا لهُ، وتقبُّلًا لما فيهِ.

وقد رُوِي عن الشَّعبِيِّ وسعِيدِ بن جُبيرٍ والنَّخَعِيِّ وأبي بُردةَ: أنَّهُم كانُوا يتكلَّمُونَ في الخُطبةِ، إلّا في حِين قِراءةِ الإمام القُرآن في الخُطبةِ خاصَّة (٣). كلُّهُم ذهَبُوا أنْ لا إنصاتَ إلّا للقُرآنِ، لقولِهِ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤].

وفِعلُهُم ذلك مردُودٌ عِندَ أهلِ العِلم بالسُّنَّةِ الثّابِتةِ المذكُورةِ في هذا البابِ، وأحسنُ أحوالِهِم أن يُقال: إنَّهُم لم يبلُغْهُمُ الحديثُ في ذلك؛ لأنَّهُ حديثٌ انفردَ به أهلُ المدِينةِ، ولا عِلمَ لمُتقدِّمِي أهلِ العِراقِ به، والحُجَّةُ في السُّنَّةِ، لا فيما خالفها، وباللّه التَّوفِيقُ.

واختلفَ العُلماءُ في وُجُوبِ الإنصاتِ على من شهِدَ الخُطبةَ إذا لم يَسْمعها، لبُعدِهِ عن الإمام.


(١) انظر: ديوانه، ص ٢٩٦.
(٢) هذا عجُز بيت، وصدره:
وربّ أسرابِ حجيجٍ كظْمِ
(٣) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٥٤٣٢، ٥٤٣٣)، والأوسط لابن المنذر ٤/ ٦٦، ٦٧، ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>