للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ مالكٌ والشّافِعيُّ وأبو حَنِيفةَ وأصحابُهُ والثَّورِيُّ والأوزاعِيُّ، إلى أنَّ الكلامَ لا يجُوزُ لكلِّ من شهِدَ الخُطبةَ، سمِعَ أو لم يسمع (١).

وكان عُثمانُ بن عفّان يقولُ في خُطْبتِهِ: اسْتمِعُوا وأنصِتُوا، فإنَّ للمُسْتمِع الذي لا يَسْمعُ من الأجْرِ، مِثلُ ما للمُستمِع السّامِع (٢).

وعن ابنِ عُمر وابنِ عبّاسٍ: أنَّهُما كانا يَكْرهانِ الكلام والصَّلاةَ بعدَ خُرُوج الإمام (٣).

ولا مُخالِفَ لهؤُلاءِ من الصَّحابةِ، فسقطَ قولُ الشَّعبيِّ (٤) ومن قال بقولِهِ في هذا البابِ.

وكان عُروةُ بن الزُّبيرِ لا يرى بأسًا بالكلام، إذا لم يسمع الخُطبةَ يومَ الجُمُعةِ (٥).

وقال أحمدُ بن حنبلٍ: لا بأسَ أن يَقْرأَ، ويذكُرَ اللهَ، من لا يَسْمعُ الخُطبةَ.

وذكرَ عبدُ الرَّزّاقِ (٦) عن الثَّورِيِّ، عن حمّادٍ، عن إبراهيمَ قال: إنِّي لأقرأُ جُزْئي إذا لم أسْمَع الخُطبةَ يومَ الجُمُعةِ.

قال أبو عُمر: هذا يدُلُّ على أَنَّهُ لو سمِعَ الخُطبةَ، لم يقرأ، وهذا أصحُّ عنهُ من الذي تقدَّم، وإذا لم يقرأ، فأحْرَى أن لا يتكلَّم.


(١) انظر: الأوسط لابن المنذر ٤/ ٧٧، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٣٨ - ٣٤٠، وفيهما ما بعده.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٦٠ - ١٦١ (٢٧٥).
(٣) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٥٢١٨) و (٥٣٤٠).
(٤) في الأصل، م: "الشافعي". انظر ما سلف قريبًا.
(٥) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٥٣٥٣)، والأوسط لابن المنذر ٤/ ٧٦.
(٦) في المصنَّف (٥٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>