للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا قولُهُ: "فإنِ امرُؤٌ قاتَلَهُ أو شاتمَهُ، فليَقُل: إنِّي صائمٌ". ففيه قولانِ:

أحدُهُما: أنَّهُ يقولُ للذي يُرِيدُ مُشاتمَتهُ ومُقاتلتَهُ: إنِّي صائمٌ، وصَوْمِي يمنعُني من مُجاوبتِكَ، لأنِّي أصُونُ صَوْمِي عن الخَنا والزُّورِ من القَولِ، فبِهذا أُمِرتُ، ولولا ذلك لانتصرتُ لنفسِي بمِثلِ ما قُلتَ لي سواءً، ونحو ذلك (١).

والمعنى حِينئذٍ على هذا التَّأوِيلِ في الحديثِ، أنَّ الصّائمَ نُهِيَ عن مُقاتَلةِ من قاتَلهُ بلسانِهِ (٢) ومُشاتمتِهِ، وصَوْنُهُ صومهُ عن ذلك، وبهذا وردَ الحديثُ.

حدَّثنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (٣): حدَّثنا أحمدُ بن يُونُس، قال: حدَّثنا ابنُ أبي ذِئبٍ، عن المقبُرِيِّ، عن أبيهِ، عن أبي هريرةَ، قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "من لم يَدَع قولَ الزُّورِ والعملَ به، فليسَ لله حاجَةٌ في أن يدَعَ طَعامهُ وشَرابهُ".

وقال أحمدُ بن يُونُس: فَهِمتُ الإسنادَ مِنِ ابنِ أبي ذِئبٍ، وأفْهَمني الحديثَ رجُلٌ إلى جَنْبِهِ، أُراهُ ابنَ أخِيهِ.

ورواهُ ابنُ المُباركِ (٤)، عن ابنِ أبي ذِئبٍ، بإسنادِهِ مِثلهُ.


(١) في ت: "هذا".
(٢) في الأصل: "عن مقاتلته بلسانه"، والمثبت من د ٢.
(٣) في سننه (٢٣٦٢). ومن طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى ٤/ ٢٧٠، والبغوي في شرح السنة (١٧٤٦). وأخرجه البخاري (٦٠٥٧) عن أحمد بن يونس، به. وأخرجه أحمد في مسنده ١٥/ ٥٢١، و ١٦/ ٣٣٢ (٩٨٣٩، ١٠٥٦٢)، والبخاري (١٩٠٣)، والترمذي (٧٠٧)، والبزار في مسنده ١٥/ ١٢٦ (٨٤٢٨)، والنسائي في السنن الكبرى ٣/ ٣٤٧ (٣٢٣٤)، وابن خزيمة (١٩٩٥) من طريق ابن أبي ذئب، به. وانظر: المسند الجامع ١٧/ ١٥٤ - ١٥٥ (١٣٤٤٦).
(٤) في الزهد (١٣٠٧). ومن طريق أخرجه هناد في الزهد (١٢٠٠)، وابن ماجة (١٦٨٩)، والنسائي في السنن الكبرى ٣/ ٣٤٧ (٣٢٣٣)، وابن خزيمة (١٩٩٥)، وابن حبان ٨/ ٢٥٨ (٣٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>