للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن رُفَيع أبي العالِيةِ، قال: خرَجْنا مع ابنِ عبّاسٍ حُجّاجًا، فأحرَمَ، فأحرَمْنا، ثُمَّ نزلَ يسُوقُ الإبِل وهُو يَرْتجِزُ ويقولُ:

وهُنَّ يَمْشِين بنا هَمِيسا

إن تصدُقِ الطَّيرُ نُجامِع لمِيسا

فقلتُ: يا أبا عبّاسٍ، ألستَ مُحرِمًا؟ قال: بلى. قُلتُ: فهذا الكلامُ الذي تَكلَّمُ به؟ قال: إنَّهُ لا يكونُ الرَّفثُ إلّا ما واجهتَ به النِّساءَ، وليسَ معَنا نِساءٌ (١).

وفي غيرِ هذه الرِّوايةِ في هذا الحديثِ:

وهُنَّ يمشِينَ بنا هَمِيسا

إن تصدُقِ الطَّيرُ نَنِكْ لمِيسا (٢)

قال أبو عُمر: الرَّفثُ في كلام العربِ على وَجْهينِ، أحدُهُما: الجِماعُ، والآخرُ: الكلامُ القبِيحُ، والفُحشُ من المقالِ.

واختلف العُلماءُ في قولِ الله عزَّ وجلَّ: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧].

فأكثرُ العُلماءِ على أنَّ الرَّفَثَ هاهُنا: جِماعُ النِّساءِ وغِشْيانُهُنَّ.

والفُسُوقُ: المعاصِي بإجماع. والجِدالُ: المِراءُ.

وقيل: السِّبابُ والمُشاتمةُ. وقيل: ألّا تُغضِبَ صاحِبَكَ.

وقيل: أنْ لا جِدالَ في الحجِّ اليومَ، لأنَّهُ قد استقامَ في ذي الحِجَّةِ.

ولم يختلِفِ العُلماءُ في قولِ الله عزَّ وجلَّ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧]، أنَّ الرَّفَثَ هاهُنا الجِماعُ.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٤٧٠٧)، والطبري في تفسيره ٤/ ١٢٦ - ١٢٧، والحاكم في المستدرك ٢/ ٢٧٦، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٦٧، من طريق زياد بن الحصين، به.
(٢) هذه رواية ابن أبي شيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>