للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن نافِع بن جُبيرٍ، عن ابنِ عبّاسٍ، أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأيِّم أحقُّ بنَفْسِها من وليِّها، والبِكرُ تُستأذنُ، وإذنُها صُماتُها".

قال أبو عُمر: اختُلِف في لفظِ هذا الحديثِ كما تَرَى، فبعضُهُم يقولُ: "الأيِّمُ " وبعضُهُم يقولُ: "الثَّيِّبُ". والذي في "المُوطَّأ": "الأيِّمُ". وقد يُمكِنُ أن يكونَ من قال: "الثَّيِّبُ". جاءَ به على المعنى عِندَهُ.

وهذا موضِع اختلَف فيه العُلماءُ، وأهلُ اللُّغةِ، فقال قائلُونَ: الأيِّمُ، هي التي آمَتْ من زَوْجِها بموتِهِ أو طلاقِهِ، وهي الثَّيِّبُ.

واحتجُّوا بقولِ الشّاعِر:

نُقاتِلُ حتَّى أنزلَ اللهُ نصرَهُ ... وسعدٌ ببابِ القادِسيَّةِ مُعصِمُ

فأُبنا وقد آمَتْ نِساءٌ كثِيرةٌ ... ونِسْوةُ سعدٍ ليس مِنْهُنَّ أيِّمُ

قالوا: يعني ليس منهُنَّ من قُتِلَ زوجُها، وهذا الشِّعرُ لرجُلٍ من بني أسَدٍ، قالهُ يوم القادِسِيَّةِ، حِينَ كان سعدُ بن أبي وقّاصٍ عَليلًا مُقِيمًا في القَصْرِ، لم يقدِر على النُّزُولِ، ولم يُشرِف على القِتالِ. وروي أن سعد بن أبي وقاص لما سمع بهذا الشعر من قول الشاعر، قال: اللهم اكفني يده ولسانه. فقطعت يده، وبكم لسانه، وكان سعد يعرف بالمستجاب (١).

وقال (٢) يزِيدُ بن الحكم الثَّقفِيُّ (٣):

كلُّ امرِئٍ ستَئيمُ مِنـ ... ـه العِرْسُ أو منها يئيمُ

يُرِيدُ، سيمُوتُ عنها، أو تمُوتُ عنهُ، فتصِيرُ أيِّمًا.


(١) من قوله: "وروي أن سعد" إلى هنا من د ٢، سقط من الأصل.
(٢) من هنا إلى قوله: "يريد ... " في السطر الآتي لم يرد في ت.
(٣) انظر: ديوان الحماسة ١/ ٦١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>