للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في ذلك شيءٌ لازِمٌ لا يُتَعدَّى، وقد ذكرنا أقاوِيلَ العُلَماءِ في أكْفَانِ الرِّجالِ والنِّساءِ في بابِ هِشَام بنِ عُرْوَةَ (١)، والحمدُ للَّه.

وفي هذا الحَدِيثِ ما يَدُلُّ على أنَّ النِّساءَ أوْلى بغَسْلِ المرأةِ مِن الزَّوْج؛ لأنَّ بناتِ رسولِ اللَّه عليه السلامُ اللَّواتي تُوفِّينَ في حياتِه زَيْنَبُ، ورُقَيَّةُ، وأُمُّ كُلْثُوم، ولم يَبْلُغْنا أنَّ إحْداهُنَّ غَسَلَها زَوْجُها.

وأجْمَعَ العُلَماءُ على جَوازِ غَسْلِ المرأةِ زَوْجَها (٢)؛ وغَسَلَتْ أسماءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ زَوْجَها أبا بكرٍ بمَحْضَرِ جِلَّةٍ من الصَّحابَةِ (٣)، وكذلكَ غَسَلَتْ أبا موسى امْرأتُه (٤).

واخْتَلَفُوا في غَسلِ الرجلِ امْرأتَه، فأجاز ذلك جُمهورُ العلَماءِ مِن التَّابِعِينَ والفُقَهاءِ. وهو قولُ مالِكٍ، والأوْزَاعِيِّ، والشَّافِعيِّ، وأحمدَ، وإسْحاقَ، وأبي ثَوْرٍ، وداود (٥). وحُجَّتُهم أنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ غَسَلَ زَوْجَتَه فاطمَةَ، وقِياسًا على غَسْلِها إيَّاه، ولأنَّه كانَ يَحِلُّ له مِن النَّظَرِ إليها ما لا يَحِلُّ للنِّساءِ.


(١) سيأتي في أثناء شرح الحديث الخامس عشر له، عن أبيه، عن عائشة رضي اللَّه عنها، وهو في الموطّأ ١/ ٣٠٧ (٥٩٦).
(٢) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص ٤٤ (٧٨).
(٣) أخرجه مالك في الموطّأ ١/ ٣٠٦ (٥٩٣) عن عبد اللَّه بن أبي بكر، أن أسماء بنت عُميس امرأة أبي بكر غسّلت أبا بكر الصِّديق حين تُوفّي. . .
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٣/ ٤٠٩ (٦١١٩) عن سفيان الثوري، عن إبراهيم النخعيّ. فذكره. وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١١٠٨٥) ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط ٥/ ٣٥٥ (٢٩٤٤) كلاهما عن وكيع بن الجراح، عن سفيان الثوريّ، عن إبراهيم بن مهاجر، عن إبراهيم النخعي، به.
(٥) ينظر: الأمّ للشافعيّ ١/ ٣١١ - ٣١٢، والمدوّنة ١/ ٢٦٠، ومسائل الإمام أحمد رواية أبي داود ص ٢١٢، ورواية ابنه عبد اللَّه ص ١٣٦ (٥٠٣)، ومسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية لإسحاق بن إبراهيم الكوسج ٣/ ١٣٧٧ (٧٩٠)، والأوسط لابن المنذر ٥/ ٣٥٤ - ٣٥٦، والمحلّى لابن حزم ٥/ ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>