للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظاهرُه يَقْتضي أنَّ البكرَ لا يُنكِحها وليُّها، أبًا كان أو غيره حتَّى يَسْتأذنَها وَيسْتأمرَها، ولا يُستأذَنُ ولا يُستأمَر إلّا البوالغُ.

وهذه حُجَّة الكُوفيِّينَ، إلّا أنَّ البكر هاهنا يحتملُ أن تكونَ اليَتِيمة، بدليل حديث محمد بن عَمرو، وإذا حُمل على هذا، لم تتعارض الأحاديث (١).

واختَلفُوا في غير الأبِ من الأولياءِ، أخًا كان أو غيره، هل لهُ أن يُزوِّج الصَّغيرة؟

فقال: مالكٌ (٢)، والشّافعيُّ (٣): لا يجوزُ لأحدٍ من الأولياءِ غيرِ الأبِ، أن يُزوَّجَ الصَّغيرة قبلَ البُلوغِ، أخًا كان أو غيره. وهو قولُ ابن أبي ليلى، والثَّوريِّ، وبه قال: أحمدُ بن حنبل، وأبو ثورٍ، وأبو عُبيدٍ (٤).

وحُجَّةُ من قال بهذا، قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تُستأمَرُ اليَتيمةُ في نفْسِها، فإن سكتَتْ، فقد أذنَتْ".

قالوا: والصَّغيرةُ ممَّن لا إذنَ لها، فلم يجُزِ العَقدُ عليها إلّا بعدَ بُلوغها، ولأنَّ الأخَ لا يتصّرَف في مالها، فكذلك بُضعُها.

وقال أبو حنيفةَ: يجوزُ أن يُزوِّج الصَّغيرة وليُّها من كان، أبًا كان أو غيره، غير أنَّ لها الخيار إذا بلغَتْ (٥). وبه قال محمدُ بن الحسنِ.


(١) بعد هذا في بعض النسخ من الإبرازة الأولى، م: "وكانت الصغيرة والكبيرة إذا كانت بكرًا ذات أب سواء، والعلة ما ذكرنا من البكورة"، ولم ترد في الأصل، د ٢.
(٢) انظر: المدونة ٢/ ٢٥٢.
(٣) انظر: الأم ٥/ ٢٣.
(٤) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٢٥٨، والاستذكار ٥/ ٤٠٥.
(٥) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٢٥٧، وبداية المجتهد لابن رشد ٢/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>