للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: ليس في هذا الحديثِ حُجَّةٌ لمن احتجَّ به في هذا البابِ، لا من جهَةِ الإسنادِ، ولا من جهَةِ المعنى.

وقال الشّافعيُّ (١): إذا نكحَتِ المرأة بغيرِ إذن وليِّها، فلا يجُوزُ النِّكاحُ، وإن أجازَهُ الوليُّ حتَّى يُبتدَأ بما يجُوزُ. وكذلك البيعُ عندَهُ إذا وقعَ فاسدًا، كرَجُلٍ باعَ مال غيرهِ بغيرِ إذنهِ، لا يجُوزُ، وإن أجازهُ صاحبهُ، حتَّى يستأنفا بيعًا. وهو قول داود في الوَجهينِ جميعًا.

ومن حُجَّتهم، قولُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما امرأةٍ نكحَتْ بغيرِ إذنِ ولِيِّها، فنِكاحُها باطِلٌ" (٢). و: "أيُّما عبدٍ نكحَ بغيرِ إذنِ سيِّدِهِ، فنِكاحُهُ باطِلٌ، وهُو عاهِرٌ" (٣). ولم يَقُل: إلّا أن يُجِيزهُ السَّيِّدُ، فكذلك كلُّ ولِيٍّ كالسَّيِّدِ في ذلك.

واحتجَّ الشّافِعيُّ بحديثِ خَنْساءَ، حِينَ ردَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نِكاحَها، إذْ زوَّجها أبوها بغيرِ إذنِها (٤). ولم يَقُل: إلّا أن تُجِيزِي.

وقال الثَّوريُّ وأحمد وإسحاقُ في هذه المسألة: أُحبُّ أن يَسْتقبلوا نكاحًا جديدًا.


(١) انظر: الأم ٥/ ١٣، ٨٨.
(٢) سلف تخريجه في هذا الباب.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده ٢٢/ ١٢٢ (١٤٢١٢)، والدارمي (٢٢٣٣)، وأبو داود (٢٠٧٨)، والترمذي (١١١١، ١١١٢)، وابن الجارود (٦٨٦)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٧/ ١٣٤ - ١٣٥ (٢٧٠٥، ٢٧٠٦، ٢٧٠٧)، والبيهقي في الكبرى ٧/ ١٢٧، من حديث جابر.
وقال الترمذي: حسن صحيح. قلنا: مع أنه من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو ضعيف. وانظر: المسند الجامع ٤/ ٩٦ (٢٥٠٢). وأخرجه أيضًا الدارمي (٢٢٤٠)، وأبو داود (٢٠٧٩)، وابن ماجة (١٩٦٠) من حديث ابن عمر، ولا يصح عنه، فإن رواية أبي داود من طريق عبد الله العمري، وهو ضعيف، ورواية ابن ماجة من طريق مندل بن علي، وهو ضعيف. لكن صح عن ابن عمر موقوفًا أخرجه عبد الرزاق (١٢٩٨١) وغيره. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٤٠٢ (٧٦٨٥، ٧٦٨٦).
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٤١ (١٥٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>