للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فحدَّثتهُ، فأتَى مروانَ فأخبرهُ، فقال مروانُ: لم أسْمَع بهذا الحديثِ إلّا منَ امْرأةٍ، سَنأخُذُ بالعِصمةِ التي وجَدْنا النّاس عليها، فقالت فاطِمةُ حِينَ بَلَغها قولُ مروان: بَيْني وبينكُمُ القُرآنُ، قال الله: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} حتَّى بلغت: {لَا تَدْرِى لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١] قالت: هذا لمن كانَتْ لهُ مُراجعةٌ، فأيُّ أمْرٍ يحدُثُ بعد الثَّلاثِ؟ فكيفَ تقُولُونَ: لا نَفَقةَ لها؟ أمّا (١) إذا لم تكُن حامِلًا، فعلامَ تحبِسُونها؟ فكيفَ تُحبَسُ امرأةٌ بغيرِ نَفَقةٍ (٢)؟

قال أبو عُمر: تقُولُ فاطِمةُ: إن كُنتُم تحبِسُونها على زوجِها في بَيتِهِ، فأوجِبُوا لها النَّفقةَ، وإن لم تُوجِبُوا لها النَّفقةَ، فلا تُوجِبُوا عليها السُّكنى.

وفي قولِ مروانَ في هذا الحديثِ: سَنأخُذُ بالعِصْمةِ التي وجَدْنا النّاسَ عليها. دليلٌ على أنَّ العملَ كان عِندَهُم بخِلافِ حديثِ فاطِمةَ في السُّكنى.

وقولهُا: فعلامَ تحبِسُونها؟ إنَّما كانت تُخاطِبُ بهذا كِبارَ التّابِعِين.

وهذا كلُّهُ يدُلُّ على أنَّ العملَ كان عِندَهُم بالمدِينةِ، من زَمَنِ عُمر، بخِلافِ حديثِ فاطِمةَ في السُّكنى، واللّه أعلمُ.

حدَّثنا أحمدُ بن قاسم وعبدُ الوارِثِ بن سُفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا الحارِث بن أبي أُسامةَ، قال: حدَّثنا يزِيدُ بن هارونَ، قال: حدَّثنا عَمرُو بن ميمُونِ بن مِهرانَ، عن أبيهِ، قال: جَلَستُ إلى سعِيدِ بن المُسيِّبِ، فسألتُهُ، فقال: إنَّكَ لتَسْألُ سُؤالَ رَجُلٍ قد تَبحَّرَ العِلم قبلَ اليوم، قال: قُلتُ: إنِّي بأرضٍ أُسألُ بها. قال: فكيفَ وجدْتَ ما أفتيتُكَ (٣) به، ممّا يُفتِيكَ به غيرِي، ممَّن سألتَ من العُلماءِ؟ قُلتُ: وافقتَهُم، إلّا في فَرِيضةٍ واحِدةٍ. قال: وما هيَ؟


(١) هذا الحرف سقط من ي ١، د ٢، ت.
(٢) سلف تخريجه في هذا الباب.
(٣) في الأصل، م: "أفتيت"، والمثبت من د ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>