للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلتُ: سألتُكَ عن المُطلَّقةِ ثلاثًا: تعتَدُّ في بيتِ زَوجِها، أم تَنتقِلُ إلى أهلِها؟ فقُلتَ: تعتَدُّ في بيتِ زَوجِها. وقد كانَ من أمرِ فاطِمةَ بنتِ قيسٍ ما قد علِمتَ. فقال سعِيدٌ: تلك امرأةٌ فتَنَتِ النّاس، وسأُخبِرُكَ عن شأنِها: إنَّها لمّا طُلِّقتِ اسْتَطالَتْ على أحمائها (١) وآذَتْهُم بلِسانِها، فأمَرَها رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن تنتقِلَ إلى بَيْتِ ابنِ أُمِّ مكتُوم. قال: قُلتُ: لئن كانَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أمَرَها بذلك، إنَّ لنا في رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لأُسْوَةً حَسَنةً، مع أنَّها أحْرَمُ النّاسِ عليه، ليسَ لهُ عليها رجعةٌ (٢)، ولا بينَهُما مِيراثٌ (٣).

قال أبو عُمر: هذا من أحْسَنِ ما يجرِي من الاحتِجاج في هذا المعنى، يقولُ: لو كانَ السُّكنى عليها واجِبًا، لقَصَرها رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عليها (٤)، ومَنَعها من الاستِطالَةِ بلِسانِها بما شاءَ، ممّا يردَعُها عن ذلك، واللّهُ أعلمُ، مع أنَّها ليسَتْ منهُ، ولا هُو مِنها.

حدَّثنا عبدُ الوارِثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن زُهَيرٍ، قال: حدَّثنا أبو نُعيم، قال: حدَّثنا جعفرُ بن بُرْقانَ، قال: أخبرنا ميمُونُ بن مِهرانَ، قال: قدِمتُ المدِينةَ، فسألتُ عن أفْقَهِ أهْلِها، فدُفِعتُ إلى سَعِيدِ بن المُسيِّبِ فسألتُهُ. وذكر معنى ما تقدَّمَ (٥).

وأخبَرنا عبدُ الوارِثِ، قال: حدَّثنا قاسمٌ، قال: حدَّثنا محمدُ بن شاذانَ، قال: حدَّثنا المُعلَّى بن منصُورٍ، قال: أخبرني أبو المَليح، عن مَيمُونٍ، قال: ذكَرْتُ أمرَ فاطِمةَ ابنةِ قَيْسٍ عِندَ ابنِ المُسيِّبِ، فقال سعِيدُ بن المُسيِّبِ: تلك


(١) في م: "أحيائها".
(٢) في الأصل: "ليس لها رجعة"، والمثبت من د ٢.
(٣) أخرجه الشافعي في الأم ٥/ ٢٣٦، وسعيد بن منصور (١٣٥٤)، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٤٣٣، ٤٧٤، من طريق عمرو بن ميمون، به.
(٤) هذه الكلمة لم ترد في الأصل، م، وهي ثابتة في د ٢.
(٥) أخرجه ابن سعد في طبقاته ٢/ ٣٨١، و ٥/ ١٢٢، وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه (٩٢٧) عن أبي نعيم، به مختصرًا. وأخرجه إسحاق بن راهوية في مسنده (٢٣٨٠)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٦١/ ٣٤٤، من طريق جعفر بن برقان، بتمامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>