للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"احتجِبا منهُ". فقُلنا: يا رسُولَ الله، إنَّهُ مكفُوفٌ لا يُبصِرُنا. قال: "أفَعَمْياوانِ أنتُما لا تُبصِرانِهِ؟ " (١).

وأخبرنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داود، قال (٢): حدَّثنا محمدُ بن العلاءِ، قال: حدَّثنا ابنُ المُباركِ، عن يُونُس، عن الزُّهرِيِّ، قال: حدَّثني نبهانُ مولى أُمِّ سلمةَ، عن أُمِّ سلمةَ، فذكرهُ. قال أبو داود: وهذا لأزواج النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خاصَّةً.

واستدلَّ بعضُ أصحابنا (٣) بهذا الحديثِ على أنَّ كلامَ المرأةِ ليسَ بعورةٍ. وهذا ما لا يُحتاجُ إليه، لتقرُّرِ الأُصُولِ عليه.

وأمّا قولُهُ: "يَغْشاها أصحابِي". فمعلُومٌ أنَّها عَوْرةٌ، كما أنَّ فاطِمةَ عورةٌ، إلّا أنَّهُ علِمَ أنَّ أُمَّ شرِيكٍ من السِّترِ والاحتِجابِ بحالٍ ليسَتْ بها فاطِمةُ، ولعلَّ فاطِمةَ من شأنِها أن تَقعُد فُضُلًا (٤) لا تَحترِزُ كاحتِرازِ أُمِّ شِريكٍ، ولا يجوزُ أن تكونَ أُمُّ شرِيكٍ، وإن كانت من القَواعِدِ، أن تكونَ فُضُلًا، ويجُوزُ أن تكونَ فاطِمةُ شابّةً ليسَتْ من القَواعِدِ، وتكون أُمُّ شَرِيكٍ من القَواعِدِ، فليسَ عليها جُناحٌ، ما لم تَتبرَّز بزِينةٍ.


(١) أخرجه الطبراني في الكبير ٢٣/ ٣٠٢ (٦٧٨)، والمزي في تهذيب الكمال ٢٩/ ٣١٣، من طريق ابن أبي شيبة، به. وأخرجه إسحاق بن راهوية (١٨٤٨)، وأحمد في مسنده ٤٤/ ١٥٩ (٢٦٥٣٧)، والترمذي (٢٧٧٨)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ١/ ٢٦٥، ٢٦٦ (٢٨٨، ٢٨٩)، وأبو يعلى (٦٩٢٢)، وابن حبان ١٢/ ٣٨٧ (٥٥٧٥)، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٩١ - ٩٢، من طريق ابن المبارك، به. وانظر: المسند الجامع ٢٠/ ٦٧٠ (١٧٦٢٢).
(٢) في سننه (٤١١٢).
(٣) في الأصل، م: "أصحابه".
(٤) تفضلت المرأة: إذا لبست ثياب مهنتها، أو كانت في ثوب واحد، فهي فُضُل، والرجل فُضُل أيضًا. انظر: النهاية لابن الأثير ٣/ ٤٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>