للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذا كلُّهُ فرقٌ بين حالِ (١) أُمِّ شرِيكٍ وفاطِمةَ، وإن كانَتا جميعًا امرأتينِ، العَوْرةُ منهُما واحِدةٌ، ولاختِلافِ الحالَيْنِ، أُمِرت فاطِمةُ أن تصِيرَ إلى ابنِ أُمِّ مكتُوم الأعْمَى بحيثُ لا يَراها هُو ولا غيرُهُ من الرِّجالِ (٢) في بَيْتِهِ ذلك.

وأمّا وَجْهُ (٣) قولِهِ لزَوْجهِ (٤) ميمُونةَ وأُمِّ سلمةَ - إذ جاءَ ابنُ أُمِّ مكتُوم: "احتجِبا منهُ". فقالتا: أليسَ بأعْمَى؟ فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفَعَمياوانِ أنتُما؟ " - فإنَّ الحِجابَ على أزواج النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ليسَ كالحِجابِ على غيرِهِنَّ، لما هُنَّ (٥) فيه من الجلالةِ، ولموضِعِهِنَّ من رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، بدليلِ قولِ الله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} الآيةَ [الأحزاب: ٣٢].

وقد يجُوزُ أن يكونَ (٦) للرَّجُلِ أن ينظُرَ لأهلِهِ من الحِجابِ بما أدّاهُ إليه اجتِهادُهُ، حتَّى يمنع منُنَّ المرأةَ فُضُلًا عن الأعْمَى.

وأمّا الفرقُ بين ميمُونةَ وأُمِّ سلمةَ، وبين عائشةَ، إذ أباحَ لها النَّظر إلى الحَبَشةِ، فإنَّ عائشةَ كانت ذلك الوقت، واللّهُ أعلمُ، غير بالِغة، لأَنَّهُ نَكَحَها صبِيَّةً، بنت سِتِّ سِنينَ أو سبع، وبَنَى بها بنت تِسع، ويجُوزُ أن يكونَ قبلَ ضربِ الحِجابِ، مع ما في النَّظرِ إلى السُّودانِ ممّا تَقْتحِمُهُ العُيُونُ (٧)، وليسَ الصَّبايا كالنِّساءِ في مَعرِفةِ ما هُنالِكَ من أمرِ الرِّجالِ.


(١) كلمة: "حال" سقطت من د ٢.
(٢) قوله: "من الرجال" لم يرد في الأصل، م، وهو ثابت في د ٢.
(٣) كلمة: "وجهُ" لم ترد في د ٢.
(٤) في م: "زوجته".
(٥) في د ٢: "هما"، والمثبت من بقية النسخ وهو الأصوب.
(٦) قوله: "أن يكون" لم يرد في الأصل، وهو ثابت في د ٢.
(٧) في د ٢: "العين"، والمثبت من بقية النسخ، واقتحمته عيني: ازدرته، وكل شيء ازدريته، فقد اقتحمته. انظر: لسان العرب ١٢/ ٤٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>