للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عُمر: أمّا تمرةٌ بتَمْرةٍ فلا أدرِي ما في ذلك عِندَ مالكٍ والشّافِعيِّ ومن تابَعهُما على القولِ بأنَّ التَّمرةَ بالتَّمْرتينِ لا يجُوزُ. والذي أقُولُهُ في ذلك على أصلِهِما، أنَّ المُماثلةَ إن أمكَنْت في التَّمرةِ بالتَّمرةِ بالوزنِ، جازَ ذلك، والله أعلمُ. وقولُ الثَّورِيِّ حسن جِدًّا، لعدَم المُماثلةِ في التَّمرةِ بالتَّمرةِ، وعَدم الكَيْلِ، الذي هُو أصلُهما، ولأنَّ ما كان أصلُهُ الكيل، فلا يُردُّ إلى الوَزنِ عِندهُم، إلّا مع الاضطِرارِ.

قال أبو عُمر: لا حاجَةَ بأحدٍ إلى بيع تمرةٍ بتمرةٍ، فلا وجهَ للتَّعرُّضِ إلى مِثلِ هذه الشُّبهةِ، فيما لا ضرُورةَ ولا حاجةَ بالنّاسِ إليه.

وقدِ احتجَّ من أجازَ التَّمرةَ بالتَّمرتينِ، بأنَّ مُستهلِكَ التَّمرةِ والتَّمرتينِ، تجِبُ عليه القِيمةُ. فقال: إنَّهُ لا مكِيلَ ولا موزُونَ، فجاز فيه التَّفاضُلُ.

وهذا عِندِي غيرُ لازِم؛ لأنَّ ما جَرَى فيه الرِّبا في التَّفاضُلِ، دخَلَ قليلُهُ وكثِيرُهُ في ذلك قِياسًا ونظرًا، والله المُوفِّقُ للصَّوابِ.

وقال مالكٌ (١): لا يجُوزُ البيضُ بالبيضِ مُتفاضِلًا؛ لأنَّهُ يُدَّخَرُ، ويجُوزُ عِندَهُ مِثلًا بمِثل. قال: ويجُوزُ بيعُ الصَّغِيرِ منهُ بالكبِيرِ. وبيضُ الدَّجاج، وبيضُ الإوَزِّ، وبيضُ النَّعام، إذا تحرَّى ذلك أن يكون مِثلًا بمِثل، جازَ.

وقال محمدُ بن عبدِ الله بن عبدِ الحَكَم: جائزٌ بيضةٌ ببيضتينِ وبأكثر، وجائزٌ التَّفاضُلُ في البَيْضِ؛ لأنَّهُ ليس ممّا يُدَّخرُ.

وقال الأوزاعِيُّ: لا بأسَ (٢) ببيضةٍ ببيضتينِ يدًا بيدٍ، وجَوْزةٍ (٣) بجوزتينِ (٤).


(١) انظر: المدونة ٣/ ٧٧.
(٢) في د ٢: "لا يجوز"، ولا يصحّ، حيث نقل في الاستذكار أن قول الأوزاعي مثل قول أبي حنيفة، وهو الجواز.
(٣) في د ٢: "ولا جوزة".
(٤) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٤٥، وفيه ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>