للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: ولا بأسَ بزيتِ الكَتّانِ بغير من الزَّيتِ مُتفاضِلًا، يدًا بيدٍ.

قال أبو عُمر: قد ذكَرْنا في هذا البابِ أُصُولهُ مُسْتَوعبةً، وذكرنا من فُرُوعِهِ (١) كثِيرًا، ليُوقَف بذلك على أُصُولِ مذاهِبِ العُلماءِ فيه (٢)، ويُوقَف بذلك على المعنى الجارِي فيه منها الرِّبا في الزِّيادةِ.

وأمّا بابُ المُزابنةِ في بيع الزَّيتِ بالزَّيتُونِ، واللَّحم بالحيوانِ، والزُّبدِ باللَّبنِ، والعِنَبِ بالعصِيرِ الحُلوِ، وما أشْبَه ذلك كلَّهُ، فقد مضَتْ منهُ أصُولٌ عِندَ ذِكرِ المُزابنةِ في مَواضِعَ من كِتابِنا هذا، مِنها: حديثُ داود بن الحُصينِ. وحديثُ ابنِ شِهابٍ، عن سعِيدٍ. وحديثُ نافِع، عن ابنِ عُمر. وذكرنا هُنالِك من معنى المُزابنةِ ما يُوقَفُ به على المُرادِ من مذاهِبِ العُلماءِ في ذلك إن شاءَ الله.

وأمّا قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "أينقُصُ الرُّطبُ إذا يبِسَ؟ " على ما في حديثِ هذا البابِ قال مَعْنٌ ويحيى القَطّانُ والقَعْنبيُّ وغيرُهم، عن مالك: فقال لمن حولَه: أينقُص الرُّطبُ إذا يَبِس؟ فأدَّوا هذه الكلمةَ لمن سواه، وليست روايةَ يحيى (٣) فللعُلماءِ فيه قولانِ: أحدُهُما، وهُو أضعفُهُما: أنَّهُ استِفهامٌ استفهمَ عنهُ أهل النَّخِيلِ والمعرِفةِ بالتُّمُورِ والرُّطَب، وردَّ الأمر إليهم في عِلم نُقصانِ الرُّطَبِ إذا يبِسَ. ومن زعمَ ذلك قال: إنَّ هذا أَصلٌ في ردِّ المعرِفةِ بالعُيُوبِ، وقِيم المُتلَفاتِ إلى أربابِ الصِّناعاتِ.

والقولُ الآخرُ، وهُو أصحُّهُما: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يَسْتفهِم عن ذلك، ولكِنَّهُ قرَّر أصحابَهُ على صِحَّةِ نُقصانِ الرُّطب إذا يبِسَ، ليُبيِّن لهُمُ المعنى الذي منهُ منعَ، فقال لهُم: "أينقُصُ الرُّطبُ؟ ". أي: أَليس ينقُصُ الرُّطبُ إذا يبِسَ، وقد نهيتُكُم عن بيع التَّمرِ بالتَّمرِ إلّا مِثلًا بمِثلٍ. وقد رُوي هكذا عن مالك: أليس ينقُص


(١) في م: "فروعها".
(٢) في الأصل: "به"، والمثبت من د ٢.
(٣) قوله: "وقال معن. . . رواية يحيى" من د ٢، ولم يرد في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>