للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر يَعقُوبُ بن شَيْبةَ، قال: حدَّثنا يَعْلَى بن عُبيدٍ الطَّنافِسِيُّ، قال: حدَّثنا عُثمانُ بن حكيم (١)، عن عامرِ بن سَعْدِ بن أبي وقّاصٍ، عن أبيهِ، قال: أقبَلْنا معَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى مَرْرنا على مَسجِدِ بني مُعاويةَ، فدخلَ فصلَّى رَكْعتينِ، وصلَّينا معهُ، وناجى ربَّهُ طوِيلًا، ثُمَّ قال: "سألتُ ربِّي ثلاثًا: سألتُهُ ألّا يُهلِكَ أُمَّتي بالغرقِ (٢) فأعْطانِيها، وسألتُهُ ألّا يُهلِكَ أُمَّتي بالسَّنةِ فأعْطانِيها، وسألتُهُ ألّا يجعلَ بأسَهُم بينهُم فمَنَعنيها" (٣).

قال أبو عُمر: في حديثِ مالكٍ هذا من وُجُوهِ العلم: طرحُ العالِم المسألةَ من العِلم على تِلمِيذ، وسُؤالُهُ إيّاهُ عمّا هُو أعلمُ به منهُ (٤) أو مِثلُهُ، ليقِفَ على حِفْظِهِ وعلى ما عِندَهُ من ذلك.

وفيه ما يُفسِّرُ قولَهُ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ لكلِّ نبِيٍّ دَعْوةً يدعُو بها، فاختبأتُ دَعْوتي شفاعَةً لأُمَّتِي" (٥)، أنَّ ذلك على وجهِ الأُمنِيةِ والعَطاءِ، لا على وجهِ الدُّعاءِ؛ لأنَّ دُعاءَهُ كلَّهُ، أو أكثرَهُ مُجابٌ إن شاءَ الله، ألا تَرَى أنَّهُ قد أُجِيبت دَعْوتُهُ في أن لا يُهلِكَ أُمَّتهُ بالسِّنِينَ، ولا يُسلِّط عليهِم عدُوًّا من غيرِهِم يَسْتأصِلُهُم، فكيفَ يجُوزُ أن يَظُنَّ أحدٌ أنَّهُ لم تَكُن لهُ إلّا دَعْوةٌ واحِدةٌ يُستجابُ لهُ فيها، أو لغيرِهِ من


(١) في م: "بن حكم"، خطأ بيّن. انظر: مصادر التخريج، وهو عثمان بن حكيم بن عباد بن حنيف الأنصاري، أبو سهل المدني. انظر: تهذيب الكمال ١٩/ ٣٥٥.
(٢) في الأصل، م: "بالعدو"، خطأ، والمثبت من د ٢.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده ٣/ ١٠٢ (١٥١٦)، والبزار في مسنده ٣/ ٣٢٨ (١١٢٥)، والبيهقي في دلائل النبوة ٦/ ٥٢٦، والبغوي في شرح السنة (١٠١٤) من طريق يعلى بن عبيد، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٠١٢٣)، ومسلم (٢٨٩٠) (٢١)، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة ١/ ٦٨، وأبو يعلى (٧٣٤)، وابن خزيمة (١٢١٧) من طريق عثمان بن حكيم، به. وانظر: المسند الجامع ٦/ ١٥٤ - ١٥٥ (٤١٦٦).
(٤) شبه الجملة لم يرد في د ٢.
(٥) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٩١ (٥٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>