للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: يبكِين، حتَّى يمُوت، ثُمَّ لا تبكِينَّ باكِيةٌ. يُرِيدُ، واللهُ أعلمُ، لا يَبكِيَنَّ نِياحًا ولا صِياحًا بعد وُجُوبِ مَوتِهِ.

وعلى هذا جُمهُورُ الفُقهاءِ: أنَّهُ لا بأسَ بالبُكاءِ على الميِّتِ، ما لم يُخلَط ذلك بنُدْبَةٍ ولا نِياحَةٍ (١)، وشقِّ جيبٍ، ونَشْرِ شعرٍ، وخَمْشِ وجهٍ.

قال ابنُ عبّاسٍ في مِثلِ هذا من بُكاءِ العينِ دُونَ نِياحَةٍ: اللهُ أضْحَكَ وأبكى (٢). وقد مضى هذا المعنى واضِحًا في بابِ عبدِ الله بن أبي بكرٍ، والحمدُ لله.

وقد روى اللَّيثُ بن سعدٍ، عن هشام بن عُروةَ، عن أبيهِ، عن أبي هريرةَ، قال: مرَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بجِنازةٍ يُبكَى عليها، وأنا مَعهُ وعُمرُ بن الخطّابِ، فانْتَهَرَهُم عُمرُ، فقال: "دعهُنَّ يا ابن الخطّابِ، فإنَّ النَّفسَ مُصابةٌ، والعينَ دامِعةٌ، والعهدَ قرِيبٌ".

لم يُتابَع اللَّيثُ على هذا الإسنادِ، وإنَّما رَوتهُ الجماعةُ عن هشام بن عُروةَ، [عن وَهْبِ بن كَيْسانَ] (٣) عن محمدِ بن عَمرِو بن عَطاءٍ، عن سَلَمةَ بن الأزرقِ، عن أبي هريرةَ (٤).

وروى عبدُ الرَّحمنِ بن حسّانَ بن ثابتٍ، عن أُمِّهِ (٥) سِيرِين، قالت: حَضَرتُ


(١) في الأصل: "وبنياحة"، والمثبت من د ٢.
(٢) أخرجه البخاري (١٢٨٨)، ومسلم ٢/ ٦٤٢ (٩٢٩) مطولًا.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من النسخ، ولا يصح الإسناد إلا به. وانظر: مصادر التخريج.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٦٦٧٤)، وأحمد في مسنده ١٣/ ١٢٤، و ١٥/ ١٦٨ (٧٦٩١، ٩٢٩٣)، وعبد بن حميد (١٤٤٠) وابن ماجة (١٥٨٧)، وأبو يعلى (٦٤٠٥) وابن حبان ٧/ ٤٢٩ - ٤٢٨ (٣١٥٧) من طريق هشام، به. وإسناده ضعيف؛ لجهالة سلمة بن الأزرق، قال الذهبي في المغني ١/ ٢٧٤: لا يعرف. وانظر: المسند الجامع ١٧/ ٣٥ - ٣٦ (١٣٢٦١).
(٥) في د ٢: "ابنة"، وهو خطأ بيّن.

<<  <  ج: ص:  >  >>