للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثّابِثُ الصحِيحُ في هذا الحديثِ وغيرِهِ: "إنَّها لتعدِلُ ثُلُث القُرآنِ". دُون شكٍّ، وقد يَحتَمِلُ أن يكونَ الشَّكُّ من النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، على مَذهبِ من تأوَّل في هذا الحديثِ، أنَّ الرَّجُلَ لم يزَلْ يُكرِّرُها ويُردِّدُها في لَيلتِهِ يقطَعُها بها، إذ كان لا يحفظُ غيرَها، فيما ذكرُوا، حتَّى بلغَ تَكرارُهُ لها وتَردادُهُ إيّاها مُوازاةَ حُرُوفِ ثُلُثِ القُرآنِ، أو نِصفِهِ.

وهذا يُمكِنُ فيه الشَّكُّ، على هذا الوَجهِ، فلا يكونُ لها في ذاتِها فَضْلٌ على غيرِها؛ لأنَّها إنَّما عُدِلَتْ بثُلُثِ القُرآنِ، لبُلُوغ تَكْرارِها إلى ذلك ونحوِهِ، وهذا التَّأوِيلُ فيه بُعدٌ عن الظّاهِرِ جِدًّا، والله المُوفِّقُ للصَّوابِ.

حدَّثنا خلفُ بن القاسم، قال: حدَّثنا محمدُ بن إبراهيم بن إسحاق بن مِهران السَّرّاجُ وعبدُ الله بن محمدِ بن عبدِ الله الخَصيبِيُّ القاضِي، قالا: حدَّثنا محمدُ بن عَبدُوسِ بن كامِلٍ السَّرّاجُ، قال: حدَّثنا أبو مَعْمرٍ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن جعفرٍ، عن مالكٍ، عن عبدِ الرَّحمنِ بن عبدِ الله بن أبي صَعْصَعةَ الأنصارِيِّ، عن أبيهِ، عن أبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ، قال: أخبَرني قَتادةُ بن النُّعمانِ، أنَّ رجُلًا قال: يا رسُولَ الله، إنَّ فُلانًا قامَ اللَّيلةَ يَقْرأُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} يُردِّدُها، لا يزِيدُ عليها. كأنَّ الرَّجُل يَتَقالُّها، فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نَفْسِي بيدِهِ، إنَّها لتَعدِلُ ثُلُث القُرآنِ" (١).

وحدَّثنا خلفُ بن القاسم، قال: حدَّثنا عبدُ الوهّابِ (٢) بن محمدِ بن سهلِ (٣) بن منصُورِ بن الحجّاج النَّصِيبِيُّ وثوابةُ بن أحمدَ بن ثوابةَ الموصِليُّ وعليُّ بن


(١) أخرجه النسائي في السنن الكبرى ٩/ ٢٥٨ - ٢٥٩ (١٠٤٦٨)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٣/ ٢٥٢ (١٢١٨)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ٢١، من طريق أبي معمر، به. وانظر: المسند الجامع ١٤/ ٤٩٧ - ٤٩٨ (١١١٧٧).
(٢) في ي ١، ت: "عبد الوارث"، خطأ. انظر: تاريخ الإسلام ٨/ ١٢٦.
(٣) في م: "سهيل". انظر: مصدر الترجمة في التعليق السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>