للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعقُوبُ بن إبراهيمَ بن سعدٍ، قال: حدَّثنا أبي، عن صالح بن كَيْسانَ، عن ابنِ شِهابٍ، قال: حدَّثني عُبيدُ الله بن عبدِ الله، عن ابنِ عبّاسٍ، عن عمّارِ بن ياسِرٍ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عرَّسَ بأُولاتِ (١) الجَيْشِ، ومَعهُ عائشةُ زوجتُهُ، فانقطَعَ عِقا لها من جَزْع ظَفارٍ (٢)، فحَبَسَ النّاسَ ابتِغاءُ عِقْدِها ذلك، حتَّى أضاءَ الفجرُ (٣)، وليسَ مع النّاسِ ماءٌ، فأنزلَ الله تبارك وتعالى على رسُولِهِ رُخصةَ التَّطهُّرِ بالصَّعِيدِ الطَّيِّبِ، فقامَ المُسلِمُون معَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فضَرَبُوا بأيدِيهِمُ (٤) الأرضَ، ثُمَّ رَفعُوا أيدِيهُم، ولم يَقبِضُوا من التُّرابِ شيئًا، فمَسحُوا بها وُجُوههُم وأيدِيَهُم إلى المناكِبِ، ومن بُطُونِ أيدِيهِم إلى الآباطِ.

قال أبو عُمر: ليس في "المُوطَّأ" في ذِكرِ التَّيمُّم حديثٌ مرفُوعٌ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، غير حديثِ عبدِ الرَّحمنِ بن القاسم هذا، وهُو أصلُ التَّيمُّم، إلّا أنَّهُ ليسَ فيه رُتبةُ التَّيمُّم، ولا كيفِيَّتُهُ.

وقد نُقِلت آثار في التَّيمُّم عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُختلِفةٌ في كيفِيَّتِهِ، وعلى قَدْرِ ذلك من اختِلافِها، اختلَفَ فُقهاءُ الأمصارِ في القولِ بها، ونحنُ نَذكُرُ أقاوِيلهُم والآثارَ التي منها نَزعُوا في هذا البابِ إن شاءَ الله.

وأجمعَ عُلماءُ الأمصارِ بالحِجازِ، والعِراقِ، والشّام، والمشرِقِ، والمغرِبِ، فيما علِمتُ، أنَّ التَّيمُّم بالصَّعِيدِ عِندَ عَدم الماءِ طهُورُ كلِّ مُسلم (٥)، مرِيضٍ أو مُسافِرٍ،


(١) في ي ١: "بذات".
(٢) جَزْع ظَفار: الخرز اليماني، منسوب إلى مدينة باليمن. انظر: النهاية لابن الأثير ١/ ٢٦٩، ولسان العرب ٤/ ٥١٩.
(٣) في الأصل، م: "الصبح"، والمثبت من بقية النسخ، وهو الموافق لما في المسند.
(٤) زاد هنا في د ٢: "إلى"،
(٥) هذه الكلمة لم ترد في الأصل، م، وهي ثابتة في د ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>