للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسواءٌ كان جُنُبًا أو على غيرِ وُضُوءٍ (١)، لا يختلِفُونَ في ذلك، وقد كان عُمرُ بن الخطّابِ، وعبدُ الله بن مسعُودٍ (٢) يقولانِ: الجُنُبُ لا يُطهِّرُهُ إلّا الماءُ، ولا يَسْتبِيحُ بالتَّيمُّم صلاةً، لقولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦]. ولقولِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: ٤٣] وذهبا إلى أنَّ الجُنُب لم يَدْخُل في المعنى المُرادِ بقولِهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣]. وكانا يَذْهبانِ إلى أنَّ المُلامَسَةَ: ما دُونَ الجِماع.

وقد ذكَرْنا اختِلافَ العُلماءِ في المُلامسةِ (٣)، في بابِ أبي النَّضرِ، والحمدُ لله.

ولم يتعلَّق بقولِ عُمر، وعبدِ الله في هذا المسألةِ أحد من فُقهاءِ الأمصارِ من أهلِ الرَّأيِ، وحَمَلةِ الآثارِ.

وذلك، واللهُ أعلمُ، لحديثِ عمّارٍ (٤)، ولحديثِ عِمرانَ بن حُصينٍ، ولحديثِ أبي ذرٍّ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في تيمُّم الجُنُبِ، أجمع العُلماءُ على القولِ بذلك، إلّا ما ذكَرْنا عن عُمرَ، وابنِ مسعُودٍ.

وهذا يدُلُّ على أنَّ أخبارَ الآحادِ العُدُولِ من عِلْم الخاصَّةِ، قد يَخْفَى على الجليلِ من العُلماءِ منها الشَّيءُ.

وحَسْبُك بما في "المُوطَّأ" ممّا غابَ عن عُمرَ مِنها، وهذا من ذلك البابِ، ولمّا لم يَصِل إليهما عِلمُ ذلك عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في تَيمُّم الجُنُبِ، أو لم يَثبُت ذلك عِندَهُما، تأوَّلا في الآيةِ المُحْكَمةِ في الوُضُوءِ، أنَّ الجُنُب مُنفرِد بحُكم التَّطهُّرِ


(١) في ي ١، ت: "طهور" بدل: "غير وضوء".
(٢) سيأتي بإسناده لاحقًا عنهما، وانظر تخريجه في موضعه.
(٣) شبه الجملة "في الملامسة" لم يرد في د ٢.
(٤) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه. وكذا ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>