للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قولِهِ أيضًا: ليسُوا على ماءٍ، وليسَ معهُم ماءٌ. وإقامَةِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - معَ تلك الحالِ على التِماسِ العِقْدِ، دليلٌ على أنَّهُ ليسَ للمرءِ أن ينصرِفَ عن سَفَرٍ لا يجِدُ فيه ماءً، ولا يترُك سُلُوكَ طرِيقٍ لذلك، وحَسْبُهُ وسُلُوكُ ما أباحَ الله تبارك وتعالي لهٌ (١).

وأمّا التَّيمُّمُ، فمعناهُ في اللُّغةِ: القَصْدُ، ومعناهُ في الشَّرِيعةِ: القَصْدُ إلى الصَّعِيدِ خاصَّةً للطَّهار عِندَ عَدَم الماءِ، فيَضْرِبُ عليه بباطنِ (٢) كفَّيهِ، ثُمَّ يمسحُ بهما وَجْههُ ويدَيْهِ.

قال أبو بكر بن الأنبارِيِّ: قولُهُم: قد تيمَّمَ الرَّجُلُ. مَعناهُ: قد مسَحَ التُّراب على يَدَيهِ ووجهِهِ. قال: وأصلُ: تيمَّم، قصَدَ، فمعنى تيمَّم: قصَدَ التُّراب فتَمسَّحَ به، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧]، معناهُ: لا تَعمَّدُوا الخبِيثَ، فتُنفِقُوا منهُ.

قال الشاعر، وهو المُمزَّقُ أوِ المُثقَّبُ العَبْديّ (٣):

وما أدرِي إذا يمَّمتُ وجهًا ... أُرِيدُ الخير أيُّهُما يلِينِي

أألخيرُ الذي أنا أبْتَغِيهِ ... أم الشَّرُّ (٤) الذي هُو يبتغِيني

يُرِيدُ: قصَدتُ واعْتَمدتُ وجهًا.

وقال آخرُ:

وفي الأظعانِ آنِسَةٌ لعُوبٌ ... تَيمَّمَ أهلُها بَلدًا فسارُوا

يعني: قصَدَ أهلُها بَلدًا.


(١) شبه الجملة سقط من د ٢.
(٢) في م: "من".
(٣) في الأصل: "قال الشاعر"، وفي م: "قال الممزق أو المثقب"، والمثبت من د ٢.
(٤) في ي ١، ت: "الخير".

<<  <  ج: ص:  >  >>