للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهُو قولُ عطاءٍ والشَّعبِيِّ (١)، في رِوايةٍ.

وبه قال أحمدُ بن حنبل، وإسحاقُ بن راهُوية، وداودُ بن عليٍّ، والطَّبرِيُّ.

وهُو أثبتُ ما رُوِي في ذلك من حديثِ عمّارٍ، رواهُ شقِيقُ بن سَلَمةَ أبو وائل، عن أبي موسى، عن عمّارٍ، فقال فيهِ: ضَرْبةٌ واحِدةٌ لوَجهِهِ وكفَّيهِ (٢).

ولم يُختَلَف في حديثِ أبي وائلٍ هذا، وسائرُ أحادِيثِ عمّارٍ مُختَلَف فيها، وحديثُ أبي وائلٍ هذا عِندَ الثَّورِيِّ، وأبي مُعاويةَ، وجماعةٍ، عن الأعمشِ.

وقال مالكٌ: إن مسَحَ وجههُ ويَدَيهِ بضربةٍ واحِدةٍ، أجزاهُ، وإن مسَحَ يَديهِ إلى الكُوعينِ أجزاهُ، وأُحِبُّ لهُ أن يُعِيدَ في الوقتِ. والاختِيارُ عِند مالكٍ ضربتانِ، وبُلُوغُ المِرفقينِ (٣).

وحُجَّةُ من رأى التَّيمُّمَ إلى الكُوعينِ جائزًا، ولم يرَ بُلُوغَ المِرفقينِ واجِبًا. ظاهِرُ قولِ الله عزَّ وجلَّ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: ٦]. ولم يَقُل: إلى المِرفَقينِ. {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤]. فلم يجِب بهذا الخِطابِ، إلّا أقلُّ ما يَقَعُ عليه اسمُ يَدٍ، لأنَّهُ اليَقِينُ، وما عَدا ذلك شَكٌّ، والفَرائضُ لا تجِبُ إلّا بيَقِينٍ.

وقد قال الله عزَّ وجلَّ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]. وثَبَتت السُّنَّةُ المُجتَمعُ عليها: أنَّ الأيْدِي في ذلك، أُرِيدَ بها الكُوع (٤)، فكذلك التَّيمُّمُ إذ لم يَذْكُر (٥) فيه المِرفقينِ.


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٨١٦)، وابن أبي شيبة (١٦٨٨).
(٢) سلف تخريجه في هذا الباب.
(٣) انظر: الموطأ ١/ ١٠١ (١٤٢).
(٤) في الأصل، د ٢، ت، م: "من الكوع"، والمثبت من د ٢.
(٥) في الأصل: "يكن"، خطأ، والمثبت من د ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>