للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ثبتَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في أكثرِ الآثارِ في التَّيمُّم: أنَّهُ مسَحَ وجههُ وكفَّيهِ. وكَفَى بهذا حُجَّةً، لأنَّهُ لو كان ما زادَ على ذلك واجِبًا، لم يَدَعهُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -.

وقال أبو حَنِيفةَ والثَّورِيُّ واللَّيثُ والشّافِعيُّ: لا يُجزِئهُ إلّا ضَرْبتانِ: ضَرْبةٌ للوجهِ، وضربةٌ لليدينِ إلى المِرفقينِ، ولا يُجزِئه دُونَ المِرفقينِ (١).

وبه قال محمدُ بن عبدِ الله بن عبدِ الحكم، وإليه ذهَبَ إسماعيلُ بن إسحاقَ القاضِي.

وقال ابنُ أبي ليلى والحَسَنُ بن حيٍّ: التَّيمُّمُ ضَرْبتانِ: يَمْسحُ بكلِّ ضَرْبةٍ منهُما وجَههُ، وذِراعَيْهِ ومرْفَقيهِ. ولم يَقُل ذلك أحَدٌ من أهلِ العِلم غيرهُما، فيما عَلِمتُ.

وقال الزُّهرِيُّ: يبلُغُ بالتَّيمُّم الآباط (٢). ولم يَقُل ذلك أحَدٌ غيرهُ أيضًا، والله أعلمُ.

فأمّا ما ذهَبَ إليه ابنُ شِهابٍ من التَّيمُّم إلى المناكِبِ والآباطِ، فإنَّهُ صارَ إلى ما رواهُ في ذلك، مع أنَّ اللُّغةَ تَقْضِي أنَّ اليدَ من المَنْكِبِ.

أخبَرنا محمدُ بن إبراهيمَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن مُعاويةَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن شُعَيبٍ، قال (٣): أخبَرنا العبّاسُ بن عبدِ العظِيم، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن محمدِ بن أسماءَ، عن جُوَيرِيةَ، عن مالكٍ، عن الزُّهرِيِّ، عن عُبيدِ الله بن عبدِ الله بن عُتبةَ، أنَّهُ أخبَرهُ عن أبيهِ، عن عمّارِ بن ياسِرٍ، قال: تمسَّحنا معَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بالتُّرابِ، فمَسَحنا بوُجُوهِنا وأيدِينا إلى المَناكِبِ.


(١) انظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٤٦، والاستذكار ١/ ٣١١ - ٣١٢. وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(٢) انظر: الأوسط لابن المنذر ٢/ ١٦٥، والمحلى لابن حزم ٢/ ٢٠٨.
(٣) في الكبرى ١/ ١٩١ (٢٩٧)، وهو في المجتبى ١/ ١٦٨. وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١١٠، وابن حبان (١٣١٠)، والبيهقي في الكبرى ١/ ٢٠٨، من طريق عبد الله بن محمد بن أسماء، به. وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١١٠، والشاشي في مسنده (١٠٤٢) من طريق مالك، به. وانظر: المسند الجامع ١٣/ ٤٥٨ (١٠٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>